للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضيها حكم الأَصْل لكَونه مَشْرُوعا لحصولها (كبطلان بيع الْخمر) أَي كتعليل بُطْلَانه (بِالنَّجَاسَةِ) الَّتِي هِيَ حكم شَرْعِي لمناسبتها بُطْلَانه لكَونهَا تمنع عَن الملابسة، وَفِي شرع بطلَان بيعهَا بِسَبَب النَّجَاسَة جلب مصلحَة هِيَ تَكْمِيل الْمَقْصُود من الْبطلَان وَهُوَ عدم الِانْتِفَاع (لَا لدفع مفْسدَة) يقتضيها حكم الأَصْل (لِأَن) الحكم (الشَّرْعِيّ لَا يشْتَمل عَلَيْهَا) أَي على مفْسدَة مَطْلُوبَة الدّفع (وحقق) فِي الشَّرْح العضدي (جَوَازهَا) أَي جَوَاز كَون حكمهَا لدفع تِلْكَ الْمفْسدَة (لجَوَاز اشتماله) أَي الحكم الشَّرْعِيّ (على مصلحَة راجحة ومفسدة تدفع بِحكم آخر كوجوب حد الزِّنَا لحفظ النّسَب على الإِمَام ثقيل يُؤَدِّي إِلَى مفْسدَة إِتْلَاف النُّفُوس فعلل بِوُجُوب شَهَادَة الْأَرْبَع) قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ مَا مَعْنَاهُ أَن حد الزِّنَا حكم شَرْعِي مُشْتَمل على مصلحَة راجحة هِيَ حفظ النّسَب وَهُوَ حد ثقيل لكَونه دائرا بَين رجم كَمَا فِي الْمُحصن، وَبَين جلد وتغريب عَام كَمَا فِي غَيره، وَفِي كَثْرَة وُقُوعه مفْسدَة مَا: من إِتْلَاف النُّفُوس وإيلامها فشرع الْمُبَالغَة وَالِاحْتِيَاط فِي طَرِيق ثُبُوته: أَعنِي الشَّهَادَة دفعا للمفسدة القليلة، وَهَذَا معنى كَون ذَلِك عِلّة لَهُ باعثة عَلَيْهِ فوجوب الْحَد المفضي إِلَى كَثْرَة الْإِتْلَاف، والإيلام حكم شَرْعِي مُعَلل بِوُجُوب الْأَرْبَع دفعا للمفسدة الْكَثِيرَة لتبقى مصلحَة حفظ النّسَب خَالِصَة انْتهى. فَالْحَاصِل أَنه لَوْلَا هَذَا الدَّافِع للمفسدة الْمَذْكُورَة لما شرع وجوب الْحَد المفضي إِلَيْهَا فوجوب الْأَرْبَع مصحح لمشروعية الْحَد الْمَذْكُور باعث لَهُ. وَلَا يخفى أَن توقف صِحَة مَشْرُوعِيَّة الْحَد على وجوب الْأَرْبَع لَا يَسْتَدْعِي كَونه باعثا لَهَا وَالْكَلَام فِي الْعلَّة بِمَعْنى الْبَاعِث، وَالْحق أَن الاشتمال على الْمفْسدَة الْمَطْلُوب دَفعهَا بشرع الحكم إِنَّمَا هُوَ شَأْن الْعلَّة كالسكر وَالْقَتْل الْمُشْتَمل على الْبغضَاء والإضافات لعِلَّة وجوب الْحَد لاشْتِمَاله عَلَيْهَا، والدافع لَهَا وجوب الْأَرْبَع كَمَا يفِيدهُ أول كَلَام الْمُحَقق، لَا عَكسه كَمَا يفِيدهُ آخر كَلَامه، وَالْمُصَنّف وَافق الآخر حَيْثُ قَالَ فعلل بِوُجُوب شَهَادَة الْأَرْبَع بِهِ، فَكَأَنَّهُ وَقع سَهْو الْقَلَم بَينهمَا، وَالصَّوَاب مُعَلل بِهِ وجوب الْأَرْبَع، وَعلل بِهِ وجوب شَهَادَة الْأَرْبَع وَالله تَعَالَى أعلم (وَالْمُخْتَار) كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور (جَوَاز كَونهَا) أَي الْعلَّة (مَجْمُوع صِفَات، وَهِي) أَي الْعلَّة الَّتِي يُقَال لَهَا (المركبة إِذْ لَا مَانع مِنْهُ) أَي من جَوَازه (فِي الْعقل وَوَقع) كَونهَا لذَلِك مَعْطُوف على قَوْله لَا مَانع فَهُوَ دَلِيل آخر على الْجَوَاز يفِيدهُ على الْوَجْه الآكد (كَالْقَتْلِ الْعمد الْعدوان) الْمركب من الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة لحكم الْقصاص. (وَقَوْلهمْ) أَي الشارطين فِي الْعلَّة كَونهَا وَصفا وَاحِدًا المانعين تركبها (لَو كَانَ) أَي لَو تحقق كَونهَا مَجْمُوع صِفَات (والعلية صفة زَائِدَة) أَي وَالْحَال أَنَّهَا صفة زَائِدَة على ذَات الْعلَّة الَّتِي هِيَ مَجْمُوع الصِّفَات (فقيامها) أَي الْعلَّة (إِن) كَانَ (بِجُزْء) وَاحِد مِنْهَا (أَو بِكُل جُزْء) مِنْهَا على حِدة (فَهُوَ) أَي الْجُزْء الْوَاحِد على الأول أَو كل جُزْء على الثَّانِي (الْعلَّة) والمفروض

<<  <  ج: ص:  >  >>