للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافه، وَهُوَ أَنَّهَا الْمَجْمُوع لَا الْوَاحِد بِعَيْنِه أَو لَا بِعَيْنِه وَلَا كل وحد (أَو بالمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع) وَهَذَا هُوَ الشق الثَّالِث للترديد وَالِاحْتِمَال منحصر فِيهَا (فَلَا بُد من جِهَة وحدة) بهَا يكون الْمَجْمُوع شَيْئا وَاحِدًا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن لَهُ جِهَة وحدة (لم تقم) الْعلية (بِهِ) أَي بالمجموع من حَيْثُ هُوَ لعدم أَمر آخر سوى الْأَوْصَاف المتعددة، فالعلية إِمَّا قَائِمَة بِبَعْض مِنْهَا أَو بِكُل وَاحِد على مَا مر (وَيعود مَعهَا) أَو مَعَ جِهَة الْوحدَة للمجموع (الْكَلَام) فِي جِهَة الْوحدَة (بقيامها) أَي بِاعْتِبَار قيام تِلْكَ الْوحدَة بِأَن يُقَال بِمَ تقوم؟ إِذْ لَا بُد لَهَا من مَحل فَهِيَ (إِمَّا) قَائِمَة (بِكُل إِلَى آخِره) أَي بِكُل جُزْء أَو بِجُزْء وَاحِد، وكل وَاحِد مِنْهُمَا خلاف الْمَفْرُوض فَهِيَ قَائِمَة بالمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع فَلَا بُد لَهُ من جِهَة وحدة أُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فتتحقق وحدة أُخْرَى ويتسلسل قُلْنَا) قَوْلهم الْمَذْكُور فِي إبِْطَال تركب الْعلَّة (تشكيك فِي) جَوَاز أَمر (ضَرُورِيّ) أَي بديهي جَوَازه بل وُقُوعه، وَذَلِكَ لِأَن خُلَاصَة دَلِيله جَارِيَة فِي كل وصف قَائِم بِمَجْمُوع أُمُور مُتعَدِّدَة، ووقوعه أظهر من أَن يخفى، وَأكْثر من أَن يُحْصى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (للْقطع بِنَحْوِ خبرية الْكَلَام) من كَونه استفهاما أَو تَعَجبا إِلَى غير ذَلِك (وَهُوَ) أَي الْكَلَام (مُتَعَدد) لِأَنَّهُ مركب من الْحُرُوف المتعددة، والخبرية وَنَحْوهَا صفة زَائِدَة عَلَيْهِ فَإِن قَامَت بِكُل حرف كَانَ كل حرف كلَاما أَو بِحرف وَاحِد إِلَى آخر مَا تقدم (وَإِنَّمَا هِيَ) أَي هَذِه الشُّبْهَة لمانعي تركيب الْعلَّة بقوله (مغلطة يطردها) أَي يوردها على سَبِيل الاطراد الإِمَام (الرَّازِيّ للشَّافِعِيّ) أَي لإِثْبَات مذْهبه (فِي نفي التَّرْكِيب) فِي كثير من الْمَوَاضِع، ثمَّ الحكم أَن النَّقْض الْمَذْكُور دلّ على بطلَان دليلهم إِجْمَالا (والحل) أَي حل شبهتهم تَفْصِيلًا بِتَعْيِين مَحل الْخلَل فِي دليلهم (أَنَّهَا) أَي الْعلية قَائِمَة (بالمجموع بِاعْتِبَار جِهَة وحدته الْمعينَة هَيئته) عطف بَيَان لجِهَة وحدته: يَعْنِي هَيئته الْحَاصِلَة بالتركيب الْقَائِمَة بِذَات الْمَجْمُوع من غير اعْتِبَار جِهَة وحدة أُخْرَى قبلهَا: يَعْنِي قيام الْعلية بِهِ بِاعْتِبَار قِيَامهَا بِذَات الْمَجْمُوع الْمُغَايرَة لكل جُزْء من حَيْثُ اتصافها بالوحدة الاعتبارية الْحَاصِلَة بالتركيب، لَا من حَيْثُ تعددها بِاعْتِبَار الْأَجْزَاء وَإِذا قُلْنَا الْعلية قَائِمَة بالمجموع تعين مَحل قِيَامهَا (فَلَا يتَصَوَّر) بعد ذَلِك (الترديد) فِي مَحل الْقيام بِأَن كل جُزْء أَو جُزْء وَاحِد إِلَى غير ذَلِك. (ثَانِيًا) بعد الترديد الأول فَلَا يتَصَوَّر (وَلَا وحدة أُخْرَى مَعَ أَنَّهَا) أَي الْعلية كالوحدة صفة (اعتبارية) فالوحدة تَنْقَطِع بِانْقِطَاع اعْتِبَار الْعقل فَلَا تسلسل ثمَّ بَين حَقِيقَة الْعلية بقوله (كَون الشَّارِع قضى بالحكم عِنْدهَا) أَي الْعلَّة فِيهِ مُسَامَحَة، وَالْمرَاد كَونهَا بِحَيْثُ قضى الشَّارِع بالحكم عِنْدهَا فِيهِ لما سَيَجِيءُ (والمستدعي) الَّذِي يَسْتَدْعِي (محلا) مَوْجُودا يقوم بِهِ إِنَّمَا هُوَ الصّفة (الْحَقِيقِيَّة) الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْعلية

<<  <  ج: ص:  >  >>