(فَاقْطَعُوا) أَيْدِيهِمَا، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا دون مَا قبله (لِأَنَّهَا) أَي الْفَاء بِحَسب الْوَضع (للتعقيب) وَالتَّرْتِيب (والباعث مقدم عقلا) على الحكم (مُتَأَخّر خَارِجا) عَنهُ تَارَة فِي الْجُمْلَة، فسوغ مُلَاحظَة الْأَمريْنِ دُخُول الْفَاء على كل مِنْهُمَا، فالعلية إِنَّمَا تفهم بِالنّظرِ وَالِاسْتِدْلَال، فَإِذا دخلت على الحكم الْوَاقِع بعد الْوَصْف الصَّالح للعلية ظهر بِالتَّأَمُّلِ أَن ترتبه على الْوَصْف بِاعْتِبَار باعثية الْوَصْف وتقدمه العقلى عَلَيْهِ، وفيا لعكس ظهر بِالتَّأَمُّلِ أَن تَأَخّر الْوَصْف بِاعْتِبَار تَأَخره الْخَارِجِي فالعلية بِحَسب الذِّهْن، وَالْخَارِج إِنَّمَا يفهم بطرِيق الِاسْتِدْلَال لَا بِوَضْع الْفَاء لَهَا، وَإِلَى مَا قُلْنَا أَشَارَ بقوله (فلوحظا) أَي التَّقَدُّم الْعقلِيّ والتأخر الْخَارِجِي (فِيهَا) أَي فِي الْفَاء عِنْد دُخُولهَا على الْعلَّة وَالْحكم (واذن) أَي وَإِذ كَانَ فهم الْعلية بملاحظة التَّقَدُّم والتأخر الْمَذْكُورين والتأمل فِي معنى الْكَلَام (فَلَا دلَالَة لَهَا) أَي للفاء وضعا (على علية مَا بعْدهَا) لما قبلهَا (أَو) على (حكميته) أَي على كَون مَا بعْدهَا حكما شرع لعلية مَا قبلهَا (بل) إِنَّمَا تدل على أَحدهمَا (بِخَارِج) عَمَّا وضع لَهُ الْفَاء، وَهُوَ الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور (ودونه) أَي هَذَا الْقسم (ذَلِك) أَي دُخُول الْفَاء على الحكم (فِي لفظ الرَّاوِي سَهَا فَسجدَ). عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى بهم فَسَهَا فِي صلَاته فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو (وزنى مَاعِز فرجم) دلَالَته على الْعلية بِاعْتِبَار تَرْتِيب الحكم على الْوَصْف الْمُسْتَفَاد من وضع الْفَاء، فَكَانَ هَذَا دون مَا قبله (لاحْتِمَال الْغَلَط) من الرَّاوِي فِي فهم السَّبَبِيَّة (وَلَا ينفى) احْتِمَال الْغَلَط (الظُّهُور) لعدم الْغَلَط الْمُفِيد للظن لكَون الِاحْتِمَال مرجوحا (وَقيل هَذَا) إِيمَاء وَلَيْسَ بِصَرِيح، وَالْقَائِل الْآمِدِيّ والبيضاوي (كَمَا قيل فِي) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا يَعْنِي الْهِرَّة لَيست بنجسة (إِنَّهَا من الطوافين) عَلَيْكُم والطوافات، وذكرهما بِصِيغَة التمريض يدل على أَن الْمُخْتَار دخولهما فِي الصَّرِيح على مَا فعله المُصَنّف (وإيماء) مَعْطُوف على قَوْله صَرِيح (وتنبيه) لقب آخر لهَذَا الْقسم، وَهُوَ (ترتيبه) أَي الحكم (على الْوَصْف) الصَّالح لعليته (فيفهم لُغَة) لَا وَصفا، بِمَعْنى أَن من يعرف اللُّغَة يفهم (أَنه) أَي الْوَصْف (عِلّة لَهُ) أَي للْحكم من التَّرْتِيب الْمَذْكُور (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن ذَلِك الْوَصْف عِلّة لذَلِك الحكم (كَانَ) ذَلِك التَّرْتِيب (مستبعدا) من الْعَارِف بمواقع التَّرْكِيب (وَهُوَ) أَي هَذَا الْقسم (إِيمَاء اللَّفْظ) من قبيل الْمَنْطُوق، وَقد مر فِي بَيَان اصْطِلَاح الشَّافِعِيَّة فِي الْفُصُول الْمُتَعَلّقَة بالمفرد (وَلَا يخص) هَذَا الْإِيمَاء (الشَّارِع إِلَّا أَنه) أَي عدم كَون الْوَصْف عِلّة (فِيهِ) أَي فِي الشَّارِع (أبعد) لكَون فَصَاحَته فِي الدرجَة الْعليا، وَقد ألف مِنْهُ اعْتِبَاره للمناسبات، فيغلب من الْمُقَارنَة مَعَ الْمُنَاسبَة ظن الِاعْتِبَار وَجعله عِلّة (وَلذَا) أَي ولكونه أبعد من الشَّارِع (يجب فِيهِ) أَي فِي الْوَصْف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute