للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي الْوَصْف (عِلّة) لذَلِك الحكم (كَانَ) ذَلِك الاقتران (بَعيدا، ثمَّ تَمْثِيل الثَّانِي) أَي النظير (بقوله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (و) قد (سَأَلته) الخثعمية (عَن وَفَاة أَبِيهَا وَعَلِيهِ الْحَج أفيجزيه حَجهَا عَنهُ) ومقوله قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيته الخ غير مُطَابق لِأَن النظير دين الْعباد، وَلَيْسَ) دين الْعباد (الْعلَّة) لِأَنَّهُ نفس الأَصْل، وَدين الله تَعَالَى الْفَرْع (بل) الْعلَّة للْحكم الَّذِي هُوَ سُقُوط مَا فِي الذِّمَّة بِفعل الْمُتَبَرّع (كَونه) أَي الْمقْضِي (دينا، وَذكره) أَي الشَّارِع دين الْعباد (ليظْهر أَن الْمُشْتَرك) بَينهمَا وَهُوَ الدّين الْمُطلق (الْعلَّة، وَتقدم التَّمْثِيل بِهِ) أَي بِهَذَا الحَدِيث (للحنفية لِلْعِلَّةِ الْوَاقِعَة حكما شَرْعِيًّا، وَلذَلِك) أَي وَلِأَن ذكر الشَّارِع إِيَّاه لظُهُور كَون الْمُشْتَرك عِلّة (يُسمى مثله تَنْبِيها على أصل الْقيَاس) وَهُوَ الدّين الْمُشْتَرك بَينهمَا (وَبِقَوْلِهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْطُوف على الضَّمِير الْمَجْرُور فِي قَوْله وَتقدم التَّمْثِيل بِهِ، وَعطفه الشَّارِح على بقوله وَسَأَلته فَيكون التَّقْدِير، ثمَّ تَمْثِيل الثَّانِي بقوله لعمر فَاحْتَاجَ إِلَى الْخَبَر، لِأَن مَا هُوَ خبر فِي جَانب الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَهُوَ غير مُطَابق لَا يصلح للخبرية هُنَا، وَهُوَ ظَاهر، وَمَا ذكرنَا مَعَ قربه غير محوج إِلَى الْخَبَر، وَكَأَنَّهُ عدل عَنهُ لعدم اشتراكهما فِي قَوْله للحنفية الخ.

وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لَا يضر فِي الْعَطف لجَوَاز أَن يخْتَص الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِبَعْض الْقُيُود عِنْد وجود الْقَرِينَة (لعمر) رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (و) قد (سَأَلَهُ عَن قبْلَة الصَّائِم) بِأَنَّهَا (هَل تفْسد) الصَّوْم، ومقول قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرَأَيْت لَو تمضمضت بِمَاء ثمَّ مججته أَكَانَ يفْسد) فَإِن قلت قد ذكر تقدم التَّمْثِيل بِحَدِيث الخثعمية بتقريب تَمْثِيل الشَّافِعِيَّة نَظِير الْوَصْف بِهِ، فَمَا تقريب ذكر تقدم التَّمْثِيل بِحَدِيث عمر قلت بِقَرِينَة كَونه من التَّنْبِيه على أصل الْقيَاس، وَإِنَّمَا تقدم التَّمْثِيل بِهِ فِي بحث اعْتِبَار الشَّارِع الْعلَّة (وَقيل لَيْسَ) هَذَا الْمِثَال (مِنْهُ) أَي من التَّنْبِيه على أصل الْقيَاس (إِذْ لَا يُنَاسب كَونه) أَي التمضمض بِالْمَاءِ (مُقَدّمَة) لإفساد الصَّوْم لِأَنَّهُ مُقَدّمَة الشّرْب وَالشرب من مفسداته (غير مفضية) إِلَى الْإِفْسَاد لعدم فَسَاده بالمضمضة (عدم الْفساد) مَنْصُوب بقوله لَا يُنَاسب: يَعْنِي أَن الْمَضْمَضَة لَا مُنَاسبَة بَينهَا وَبَين عدم الْفساد بِسَبَب كَونهَا من مُقَدمَات الْفساد وَإِن لم تكن مفضية إِلَيْهِ، وَالْعلَّة يجب أَن تكون مُنَاسبَة للْحكم (بل) إِنَّمَا يُنَاسب عدم الْإِفْسَاد مُنَاسبَة مسوغة للعلية (وجود مَا يمْنَع مِنْهُ) أَي من الْإِفْسَاد، والتمضمض لَيْسَ كَذَلِك لِأَن نسبته إِلَى الْإِفْسَاد وَعَدَمه على السوية، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَوُجُود مَا يتَّفق مَعَه) أَي الْفساد تَارَة (وَلَا يتَّفق) مَعَه أُخْرَى (لَا يلْزم عِلّة) أَي وجود أَمر كَذَلِك لَا يلْزم عِلّة الْفساد (فَإِنَّمَا هُوَ) النّظر الْمَذْكُور (نقض توهمه) أَي توهم عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عليته

<<  <  ج: ص:  >  >>