للإفساد (وَمِنْه) أَي الْإِيمَاء (أَن يفرق بَين الْحكمَيْنِ بِذكر وصفين كللراجل سهم وللفارس سَهْمَان) فَإِن الْفرق بَين الْحكمَيْنِ من حَيْثُ الْعدَد فِي مثل هَذَا الْمقَام: أَعنِي عِنْد وجود مَا يَقْتَضِي عدم الْفرق بَين الْحكمَيْنِ ككون الراجل والفارس متساويين فِي أصل الْجِهَاد بِذكر وصفين هما الراجلية والفارسية مشيرين إِلَى وَجه الْفرق بَين الموصوفين فِي الحكم إِيمَاء إِلَى أَن عِلّة الْحكمَيْنِ الوصفان الْمَذْكُورَان (أَو) يذكر (أَحدهمَا) أَي أحد الوصفين فَقَط (كلا يَرث الْقَاتِل) فَإِنَّهُ لم يذكر الْوَصْف الآخر وَهُوَ غير الْقَاتِل لكنه يفهم بِقَرِينَة الْمُقَابلَة، فتخصص الْقَاتِل بِالْمَنْعِ من الْإِرْث (بعد ثُبُوت عُمُومه) أَي الْإِرْث لَهُ وَلغيره يشْعر بِأَن عِلّة الْمَنْع الْقَتْل، فالتفريق بَين منع الْإِرْث وَالْإِرْث بِوَصْف الْقَتْل الْمَذْكُور مَعَ منع الْإِرْث لَو لم يكن لعلية الْقَتْل لمنع الْإِرْث لَكَانَ بَعيدا (أَو) يفرق بَينهمَا (فِي ضمن غَايَة) كَقَوْلِه تَعَالَى - {وَلَا تقربهن (حَتَّى يطهرهن}} فَإِنَّهُ فرق بَين منع القربان وإباحته المفهومة من ذكر الْغَايَة الْمَدْلُول عَلَيْهَا بقوله تَعَالَى - {فَإِذا تطهرن فأتوهن} - بِذكر الْغَايَة وَهُوَ الطُّهْر، فَلَو لم يكن لعلية الطُّهْر للْجُوَاز لَكَانَ بَعيدا (أَو) فِي ضمن (اسْتثِْنَاء) كَقَوْلِه تَعَالَى - {فَنصف مَا فرضتم إِلَّا أَن يعفون} أَي الزَّوْجَات عَن ذَلِك النّصْف فَلَا شَيْء لَهُنَّ فتفريقه بَين لُزُوم النّصْف وَعَدَمه فِي ضمن الِاسْتِثْنَاء لَو لم يكن لعلية الْعَفو للانتفاء لَكَانَ بَعيدا (أَو) فِي ضمن (شَرط) كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا اخْتلف الجنسان فبيعوا كَيفَ شِئْتُم) وَفِي لفظ مُسلم، فَإِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس، فبيعوا كَيفَ شِئْتُم لَعَلَّه جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظ أَيْضا، وَإِلَّا فَهُوَ نقل بِالْمَعْنَى، فالتفريق بَين منع بيع الْجِنْس بِجِنْسِهِ مُتَفَاضلا وَبَين جَوَازه بِغَيْر جنسه لَو لم يكن لعلية الِاخْتِلَاف للْجُوَاز لَكَانَ بَعيدا، ثمَّ هَذَا الْمِثَال مِمَّا نَحن فِيهِ (لَو لم تكن) أَي لم تُوجد (الْفَاء) دَاخِلَة على الحكم لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ من قبيل الصَّرِيح كَقَوْلِه تَعَالَى - {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} - (على مَا قيل) وَهُوَ مُتَّجه (وَذكر فِي اشْتِرَاط الْمُنَاسبَة فِي) صِحَة (علل الْإِيمَاء) ثَلَاثَة مَذَاهِب: الأول (نعم) يشْتَرط لإِجْمَاع الْفُقَهَاء على لُزُوم الحكم فِي الْأَحْكَام، وَلِأَن الْغَالِب فِي الْأَحْكَام التَّعْلِيل بالعلل الْمُنَاسبَة، فَإِنَّهُ أقرب إِلَى الانقياد من التَّعَبُّد الْمَحْض فَيلْحق بالأعم الْأَغْلَب. (و) الثَّانِي (لَا) يشْتَرط لِأَن الْعلية تفهم بِدُونِهَا (و) الثَّالِث (الْمُخْتَار) لِابْنِ الْحَاجِب وَغَيره أَنه (إِن فهم التَّعْلِيل من الْمُنَاسبَة) كَمَا فِي لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان (اشْترطت) معنى الِاشْتِرَاط حِينَئِذٍ اللُّزُوم وَعدم التحقق بِدُونِ الْمُنَاسبَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يفهم التَّعْلِيل من الْمُنَاسبَة بل بغَيْرهَا من الطّرق (فَلَا) يشْتَرط، لِأَن التَّعْلِيل يفهم من غَيرهَا فَلَا حَاجَة إِلَيْهَا. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: وَلَا يخفى ضعف هَذَا فَإِن وجود مَا يفهم مِنْهُ الْعلية لَا يَقْتَضِي عدم اشْتِرَاط أَمر آخر لصِحَّة الْعلية واعتبارها فِي بَاب الْقيَاس (قيل وَإِنَّمَا يَصح)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute