للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَو مدافعة الأخبثين لَا يجوز قَضَاؤُهُ، فَعلم أَن الحكم لَا يُضَاف إِلَى النَّص لِأَن مُقْتَضَاهُ أَن لَا يقْضى فِي الْغَضَب، وَيقْضى فِي غير الْغَضَب: إِمَّا بطرِيق الْمَفْهُوم عِنْد الْقَائِل بِهِ وَإِمَّا بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّة، أَو بِإِطْلَاق النُّصُوص عِنْد غَيره (وَلَا دَلِيل لَهُ) أَي لهَذَا الشارط على اعْتِبَار هَذَا الشَّرْط (غير الْوُجُود) أَي وجود مَا شَرطه فِي هذَيْن النصين، وَأَنت تعلم أَن الْوُجُود لَا يسْتَلْزم الِاشْتِرَاط (و) قد (منع) وجود الشَّرْط الْمَذْكُور فيهمَا (بِأَن مُرَاده) تَعَالَى وَهُوَ أعلم بمراده إِذا أردتم الْقيام إِلَى الصَّلَاة (وَأَنْتُم محدثون) كَمَا هُوَ مأثور عَن ابْن عَبَّاس ومنصوص فِي التَّيَمُّم، وَهُوَ بدله، وَالْبدل لَا يُفَارق الأَصْل فِي مثله، وَإِلَّا لم يكن بَدَلا بل كَانَ وَاجِبا ابْتِدَاء على مَا قَالُوا (و) بِأَن (الشّغل) للقلب (لَازم) للغضب فَلَا يُوجد الْغَضَب بِدُونِهِ، فَلم يُوجد جَوَاز الْقَضَاء مَعَ قيام النَّص (فالنص) مَحْمُول (على ظَاهره). وَلَا نسلم أَن من حكم هَذَا النَّص حل الْقَضَاء عِنْد عدم الْغَضَب: أما عندنَا فلعدم الْمَفْهُوم، وَأما عِنْد الْقَائِل بِهِ فَيشْتَرط عدم التَّسَاوِي بَين الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم، وَعند شغل الْقلب بِغَيْر الْغَضَب مِمَّا ذكر من الْأَسْبَاب، فالتساوي بَينهمَا مَوْجُود. (النافون) لكَون الدوران مسلكا صَحِيحا (قَالُوا تحقق انتفاؤها) أَي الْعلية (مَعَ وجوده) أَي الدوران (فِي المتضايفين) كالأبوة والبنوة، والفوقية والتحتية: فَإِنَّهُ كلما تحقق أَحدهمَا تحقق الآخر، وَكلما انْتَفَى انْتَفَى، وَلَا علية وَلَا معلولية بَينهمَا اتِّفَاقًا (و) فِي (غَيرهمَا) أَي المتضايفين (كالحرمة مَعَ رَائِحَة الْمُسكر) الْمَخْصُوصَة بِهِ، فَإِنَّهَا تَدور مَعهَا وجودا وعدما (وَلَيْسَت) الرَّائِحَة (الْعلَّة) للْحُرْمَة (وَلَو الْتفت إِلَى نفي غَيره) أَي غير الْمدَار من الْأَوْصَاف الَّتِي لَا يَدُور مَعهَا الحكم (بِالْأَصْلِ) بِأَن يُقَال وَالْأَصْل عدم علية الْغَيْر (أَو السبر) بِأَن يحصل الْأَوْصَاف وينفي مَا عدا الْمدَار (خرج) كَون الْمدَار عِلّة (عَنهُ) أَي عَن ثُبُوته بالدوران. (وَيدْفَع) هَذَا الدَّلِيل (بِأَنَّهُ) أَي انْتِفَاء الْعلية (فِيمَا ذكر) من المتضايفين وَغَيرهمَا (لمَانع) من الْعلية (كَمَا تبين) قَرِيبا، والتخلف لمَانع غير قَادِح (فَلَا يَنْفِي) انتفاؤها لمَانع (ظَنّهَا) أَي الْعلية (إِذا تجرد) الْمدَار (عَنهُ) أَي عَن الْمَانِع (وَالْكَلَام فِيهِ) أَي فِيمَا تجرد عَن الْمَانِع. قَالَ (الْغَزالِيّ) من النافين: الدوران عبارَة عَن اطراد الْوَصْف وانعكاسه، وَلَا يُفِيد شَيْء مِنْهُمَا الْعلية، إِذْ (الاطراد) حَاصله (عدم النَّقْض) وَأَن لَا يُوجد الْوَصْف فِي صُورَة بِدُونِ الحكم، والنقض من جملَة مفسدات الْعلَّة، وَانْتِفَاء المفسدات كلهَا لَا يَكْفِي فِي صِحَة الْعلية فضلا عَن انْتِفَاء وَاحِد مِنْهَا، إِذْ عدم الْمَانِع وَحده لَا يصلح عِلّة مقتضية (فَأَيْنَ الْمُقْتَضى للعلية أَولا) كَمَا يُقَال: اثْبتْ الْعَرْش ثمَّ انقش، فَلَا بُد أَولا من بَيَان وجود الْمُقْتَضى ثمَّ بَيَان عدم الْمَانِع. (وَأما الانعكاس فَلَيْسَ شرطا لَهَا) أَي لِلْعِلَّةِ (وَلَا لَازِما) لَهَا. فِي الشَّرْح العضدي: شَرط فِي الْعلَّة الانعكاس، وَهُوَ أَنه كلما عدم الْوَصْف عدم الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>