وَلم يَشْتَرِطه آخَرُونَ؛ وَالْحق أَنه مَبْنِيّ على جَوَاز تَعْلِيل الحكم الْوَاحِد بعلتين مختلفتين، لِأَنَّهُ إِذا جَازَ ذَلِك صَحَّ أَن يَنْتَفِي الحكم بِوُجُود الْوَصْف الآخر (أُجِيب) عَن احتجاج الْغَزالِيّ بِأَن (الْمُدَّعِي) إِثْبَات الْعلية (بالمجموع) الْمركب من الاطراد والانعكاس (لَا بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا) وَقد يكون للهيئة الاجتماعية أثر لَيْسَ لكل وَاحِد. (القاطعون) أَي الْقَائِلُونَ بِأَن الدوران يُفِيد الْعلية قطعا قَالُوا (إِذا وَقع الدوران) أَي تحقق (وَعلم انْتِفَاء مَانع الْمَعِيَّة فِي التضايف) أَي الْمَانِع الَّذِي هُوَ الْمَعِيَّة المنافية لتقدم أَحدهمَا على الآخر فَإِنَّهُمَا يوجدان مَعًا ذهنا وخارجا، وَفِيه أَن الْمَعِيَّة الزمانية لَا تنَافِي التَّقَدُّم الذاتي (و) علم انْتِفَاء مَانع (عدم التَّأْثِير كالشرط الْمسَاوِي) فَإِن الشَّرْط عبارَة عَن عِلّة لَا تَأْثِير لَهَا، وَقيد بالتساوي ليتَحَقَّق الطَّرْد، أَعنِي الدوران وجودا: إِذْ مَعَ الْأَعَمّ لَا يلْزم وجود الْمَشْرُوط (و) علم انتقا مَانع (التَّأَخُّر) الْكَائِن (فِي المعلولية) فَإِن وصف التَّأَخُّر لَازم للمعلولية مَانع عَن كَونه عِلّة (قطع بهَا) أَي بالعلية جَوَاب للشّرط الْمُتَقَدّم (للْعَادَة المستمرة فِيمَن تكَرر دوران غَضَبه عَن اسْم حَتَّى علمه من لَا أَهْلِيَّة فِيهِ للنَّظَر كالصبيان) يَعْنِي إِذا دعى شخص باسم مغضب فَغَضب ثمَّ ترك فَلم يغْضب وتكرر ذَلِك علم بِالضَّرُورَةِ أَن ذَلِك سَبَب الْغَضَب حَتَّى أَن من لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ النّظر كالأطفال يعلمُونَ ذَلِك ويتبعونه فِي الدروب ويقصدون إغضابه فيدعونه بِهِ، وَلَوْلَا أَنه ضَرُورِيّ لما علموه، فَهَذِهِ الْعَادة المستمرة تُفْضِي بإفادة الدوران الْعلم بسببية الْمدَار لما يَدُور مَعَه قطعا، فَإِنَّهُ لَا مُوجب فِيهَا لحُصُول الْعلم الْمَذْكُور سوى الدوران (أُجِيب بِأَن النزاع) إِنَّمَا هُوَ (فِي حُصُول الْعلم بِمُجَرَّدِهِ) أَي الدوران) (وَالظَّن) بالعلية إِنَّمَا يحصل فِي الْمِثَال الْمَذْكُور (عِنْده) أَي عِنْد الدوران حَال كَونه مُنْضَمًّا (مَعَ غَيره) أَي الدوران (من التكرر) بَيَان للْغَيْر (لَا) مَعَ (عَدمه) أَي عدم غير الْمدَار (بِعَدَمِ وجدانه) أَي الْغَيْر (مَعَ) وُقُوع (الْبَحْث) والتفتيش (عَنهُ) أَي عَن الْغَيْر كَمَا ذكره فِي الشَّرْح العضدي فِي تَقْرِير الْجَواب من قَوْله: الْجَواب مَحل النزاع لَيْسَ هُوَ حُصُول الْعلم بِهِ، بل حُصُوله بِمُجَرَّدِهِ: وَذَلِكَ فِيمَا ذكرْتُمْ من الْمِثَال مَمْنُوع، إِذْ لَوْلَا انْتِفَاء غير ذَلِك إِمَّا بِأَنَّهُ بحث عَنهُ فَلم يُوجد، وَإِمَّا أَن الأَصْل عَدمه لما ظن انْتهى. فَعلم أَن الظَّن إِنَّمَا يحصل بمساعدة الْغَيْر لَا بِمُجَرَّدِهِ (فضلا عَن) حُصُول (الْعلم) بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنَّمَا جعل التكرر غير الدوران، لِأَنَّهُ عبارَة عَن الْوُجُود مَعَ الْوُجُود والعدم مَعَ الْعَدَم. وَلَا شكّ أَن تكَرر الْوُجُود مَعَ الْوُجُود أَمر زَائِد على أصل الْوُجُود مَعَ الْوُجُود. وَلَا شكّ أَن انضمام أَمر وجودي إِلَيْهِ فِي الدّلَالَة على الْعلية أَدخل فِي نفي الِاسْتِقْلَال فِيهَا من انضمام أَمر عدمي إِلَيْهِ (وَدفع) هَذَا الْجَواب (بِأَنَّهُ) أَي إِنْكَار حُصُول الْعلم بالدوران فِي مثل مَا ذكر (إِنْكَار للضروريات) أَي البديهيات (وقدح فِي التجريبيات، فَإِن الْأَطْفَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute