يقطعون بِهِ) أَي بِكَوْنِهِ مُفِيدا للعلية (بِلَا أَهْلِيَّة اسْتِدْلَال) وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْمُجيب لَا يُنكر أصل حُصُول الْعلم بالعلية، بل يُنكر حُصُوله بِمُجَرَّد الدوران، فَلَا يلْزم عَلَيْهِ إِنْكَار الضروريات فَتدبر (وَيُجَاب) عَن هَذَا الدّفع (بِأَن مثله) أَي الدوران (يصلح لإِثْبَات الْعلية لغير الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة المبنية على الْمصَالح) وَهُوَ العقليات، فَإِنَّهَا لَا تخْتَلف باخْتلَاف الزَّمَان وَالْمَكَان (أما هِيَ) أَي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة (فَلَا بُد فِي بَيَان عللها من مُنَاسبَة أَو اعْتِبَار من الشَّارِع). وَقد سبق أَن الْمُنَاسبَة عندنَا تَسْتَلْزِم التَّأْثِير: وَحَاصِله اعْتِبَار جنس الْوَصْف أَو نَوعه فِي جنس الحكم أَو نَوعه، وَالِاعْتِبَار من الشَّارِع عبارَة عَمَّا ذكر، وَكلمَة أَو للتنويع فِي التَّعْبِير (إِذْ فِي القَوْل) بِإِثْبَات الْعلَّة (بالطرد فتح بَاب الْجَهْل) اكْتفى بِذكر الطَّرْد، لِأَن الْعُمْدَة فِي الدوران أَو لِأَن الْعَكْس لَا يعْتَبر فِي الْعلَّة لما مر من جَوَاز تَعْلِيل الحكم الْوَاحِد بعلتين، وَأما كَونه فتح بَاب الْجَهْل فَلِأَن الْعلم عبارَة عَمَّا يُوجد من الشَّارِع، أَو من الْعقل بالبرهان الْقطعِي وَلَا يتَحَقَّق شَيْء مِنْهَا فِي الطَّرْد، وَيجوز فِيهِ وجود الْمعَارض والمناقض، وَبِالْجُمْلَةِ يحْتَمل أَن لَا يعْتَبر علية الْمدَار الشَّرْع احْتِمَالا قَوِيا (و) فتح بَاب (التَّصَرُّف فِي الشَّرْع) وَهُوَ نوع استهزاء بقواعد الدّين، وتطريق لكل قَائِل أَن يَقُول مَا أَرَادَ فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة إِلَى غير ذَلِك، (وَهَذَا) الْجَواب (دفع) لحجة القاطعين (من) قبل (الْحَنَفِيّ) فَإِنَّهُ يعْتَبر فِي الْعلَّة الْمُنَاسب وَالِاعْتِبَار من الشَّارِع (وَقَوله) أَي الْمُجيب (من مُنَاسبَة) أُرِيد بهَا الْمُنَاسبَة الْمَخْصُوصَة (أَي الْمُنَاسب المقبول إِجْمَاعًا) أَي مُنَاسبَة الْمُنَاسب الَّذِي قبل إِجْمَاعًا (وَهُوَ) أَي الْمُنَاسب المقبول إِجْمَاعًا (الضَّرُورِيّ) أَي الْوَصْف الْمُشْتَمل على مصلحَة ضَرُورِيَّة لم تهدر فِي مِلَّة كحفظ النَّفس (أَو المصلحي) أَي الْمُشْتَمل على مصلحَة حاجية دون الأول كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَقد مر بيانهما (لَا) من قبل (الشَّافِعِي لِأَنَّهُ) أَي الشَّافِعِي (لَا يمْتَنع أَن يثبت طَرِيقا للعلية) أَي لإثباتها (لَا يجب فِيهَا) أَي فِي تِلْكَ الطَّرِيق (ظُهُور الْمُنَاسبَة كالسبر والدوران) وَإِنَّمَا قَالَ لَا يجب فِيهَا ظُهُورهَا لِأَنَّهُ قد يظْهر فِيهَا لكنه غير لَازم (وَأَن شَرطهَا) أَي الشَّافِعِي الْمُنَاسبَة (فِي نفس الْأَمر) يَعْنِي لم يُصَرح بالاشتراط، لكنه لزم عَلَيْهِ فِي نفس الْأَمر (على معنى أَنه) أَي تَعْلِيله فِي موارده (يدل على ثُبُوتهَا) أَي الْمُنَاسبَة بَينهمَا (فِي نفس الْأَمر، وَقد يخْتَلف) أَي يَقع الِاخْتِلَاف (فِيهِ) أَي فِي ثُبُوتهَا (كَمَا فِي الدوران، وَقيل منشأ الْخلاف فِيهِ) أَي فِي إِفَادَة الدوران الْعلية (عدم أَخذ قيد صَلَاحِية الْوَصْف) للعلية (أما مَعَه) أَي مَعَ ذَلِك الْقَيْد (وَهُوَ) أَي الْقَيْد الْمَذْكُور (مُرَاد) للقائل بإفادة الدوران الْعلية (فَلَا خَفَاء فِي حُصُول ظن عليته) أَي الْوَصْف الْمدَار بعد تحقق الْقَيْد الْمَذْكُور (بالدوران، بِخِلَاف مَا) إِذا (لم يظْهر لَهُ فِيهِ) أَي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute