للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمدَار (مُنَاسبَة كالرائحة) أَي رَائِحَة الْمُسكر وَظن عليتها (للتَّحْرِيم) فَإِنَّهُ غير موجه لعدم ظُهُور الْمُنَاسبَة بَينهَا وَبَين التَّحْرِيم على وَجه يقتضى عليتها لَهُ (وَأما الشّبَه) الْمَعْدُود من المسالك لِلْعِلَّةِ (عِنْد الشَّافِعِيَّة فَلَيْسَ من المسالك) فِي نفس الْأَمر (لِأَنَّهَا) أَي المسالك إِنَّمَا هِيَ (المثبتة لعلية الْوَصْف) للْحكم (والشبه تثبت عليته بهَا) أَي بالمسالك.

وَقد اخْتلفت عباراتهم فِي تَفْسِيره، وَاخْتَارَ المُصَنّف مَا لخص فِي الشَّرْح العضدي فَقَالَ (وَالْمرَاد) بِهِ هَهُنَا (مَا) أَي الْوَصْف الَّذِي (مناسبته) للْحكم (لَيست بِذَاتِهِ) أَي بِالنّظرِ إِلَى ذَات ذَلِك الْوَصْف (بل) مناسبته لَهُ (بشبهه) الْوَصْف الْمُنَاسب بِذَاتِهِ شبها يَقْتَضِي الظَّن بعليته للْحكم (فَيحْتَاج) فِي إِثْبَات عليته (إِلَى الْمُثبت) لَهَا، وَكَذَا قيل فِيهِ: وصف لم يثبت مناسبته إِلَّا بِدَلِيل مُنْفَصِل عَنهُ (فَلَا يَصح إِنْكَاره) أَي إِنْكَار علية الشّبَه (بعد إثْبَاته) أَي إِثْبَات كَونه عِلّة بِالدَّلِيلِ (غير أَنه لَا يثبت) كَونه عِلّة (بالإخالة) بل بِالنَّصِّ أَو الْإِجْمَاع أَو السبر عِنْد الْقَائِل بِهِ (وَإِلَّا) لَو ثَبت بالإخالة أَيْضا (كَانَ) الشّبَه (الْمُنَاسب الْمَشْهُور) وَهُوَ الْمُنَاسب بِذَاتِهِ، وَلَيْسَ إِيَّاه، بل بَينهمَا تقَابل، ثمَّ بَين مِثَاله بقوله (كطهارة) بِالرَّفْع على الْحِكَايَة: أَي كَأَن يُقَال فِي إِلْحَاق إِزَالَة الْخبث بِإِزَالَة الْحَدث فِي تعين المَاء، إِن إِزَالَة الْخبث طَهَارَة (ترَاد للصَّلَاة فَلَا يجزى فِيهَا غير المَاء كَالْوضُوءِ) فَإِنَّهُ طَهَارَة يُرَاد للصَّلَاة لَا يَجْزِي فِيهِ غير المَاء، فالشبه كَونهَا طَهَارَة ترَاد للصَّلَاة لِأَن الْمُنَاسبَة بَينه وَبَين تعين المَاء لَيست بِذَاتِهِ بل بشبهه: وَهُوَ الْوضُوء الَّذِي هُوَ لإِزَالَة الْحَدث فَإِن الشَّارِع قد اعْتبر فِيهِ خُصُوصِيَّة المَاء فِي الصَّلَاة وَمَسّ الْمُصحف وَالطّواف، وَإِطْلَاق الشّبَه على الْوضُوء لكَونه مشتبها بِهِ، إِذْ إِزَالَة الْخبث وَهُوَ الْوضُوء يشبه بِهِ والكون الْمَذْكُور مُشْتَرك بَينهمَا وَإِضَافَة الشّبَه بِمَعْنى المشتبه إِلَيْهِ لأدنى مُلَابسَة، وَإِذا عرفت أَن الْمُنَاسبَة بَينهمَا لَيست لذاته بل لشبهه فَلَا بُد من إِثْبَات كَون الْوَصْف الْمَذْكُور عِلّة للْحكم، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِن ثَبت بِأحد المسالك أَن كَون الطَّهَارَة ترَاد للصَّلَاة يَصح عِلّة تعين المَاء لزم) فَقَوله أَن مَعَ اسْمهَا وخبرها فَاعل ثَبت وَاسْمهَا كَون، وَقد أضيف إِلَى اسْمه، وَقَوله ترَاد للصَّلَاة خبر كَون، وَقَوله يَصح خبر أَن، وَقَوله عِلّة تعين المَاء تَمْيِيز عَن نِسْبَة يَصح إِلَى ضَمِيره: أَي يَصح الْكَوْن الْمَذْكُور من حَيْثُ عليته للتعيين، وَقَوله لزم جَزَاء الشَّرْط: أَي لزم على ذَلِك التَّقْدِير اعْتِبَار علية كَون الْمَذْكُور (وَإِلَّا) وَإِن لم يثبت بِأحد المسالك مَا ذكر (لَا يُوجِبهُ) أَي تعين المَاء (مُجَرّد اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار الشَّارِع تعين المَاء (فِي) إِزَالَة (الْحَدث) أَي فِي الْوضُوء، فَإِن غَايَته اعْتِبَار خُصُوص المَاء فِيهِ، وَهَذَا لَا يسْتَلْزم أَن يكون عِلّة ذَلِك الِاعْتِبَار الْكَوْن الْمَذْكُور (وعَلى هَذَا أَي على اشْتِرَاط ثُبُوت ذَلِك بِأحد المسالك (فمرجعه) أَي الشّبَه (إِلَى إِثْبَات علية وصف بِأحد

<<  <  ج: ص:  >  >>