المسالك وَلَيْسَ شَيْئا آخر) فَانْتفى مَا صرح بِهِ الْآمِدِيّ وَغَيره من أَنه من مسالك الْعلَّة، وَنقل الشَّارِح تصريحهم بِأَن الْمُثبت لمناسبة الْوَصْف الشبهي للْحكم اعْتِبَار الشَّارِع إِيَّاه فِي بعض الصُّور بِإِثْبَات الحكم فِي مَحل وجود ذَلِك الْوَصْف الموهم كَونه مناسبا لَا يلْتَفت إِلَيْهِ بعد هَذَا الْبَيَان الْوَاضِح لظُهُور أَن ثُبُوت الحكم فِي مَحل وجود الْوَصْف لَا يسْتَلْزم عليته قَالُوا وَظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي وَعَلِيهِ أَكثر أَصْحَابه قبُوله وَلم يقبله آخَرُونَ مِنْهُم الباقلاني والصيرفي وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ كأصحابنا (وَيُقَال) الشّبَه (أَيْضا لأشبهية) أحد (وصفين) كائنين (فِي فرع تردد) ذَلِك الْفَرْع (بهما) أَي بِسَبَب ذَيْنك الوصفين (بَين أصلين) بِحَيْثُ يُمكن إِلْحَاق ذَلِك الْفَرْع لكل مِنْهُمَا (كالآدمية والمالية) فَإِنَّهُمَا وصفان كائنان (فِي العَبْد الْمَقْتُول) وَقد (تردد) العَبْد الْمَقْتُول (بهما) أَي بالآدمية والمالية (بَين الْأَصْلَيْنِ الْإِنْسَان وَالْفرس) فَإِن نَظرنَا إِلَى آدميته ألحقناه بالإنسان الْحر وأوجبنا على قَاتله الدِّيَة، غير أَن الدِّيَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد قِيمَته لَا تزاد على عشرَة آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة، وان نَظرنَا إِلَى مَالِيَّته ألحقناه بالفرس فأوجبنا عَلَيْهِ الْقيمَة بَالِغَة مَا بلغت كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ، لَكِن العَبْد أشبه بِالْحرِّ، لِأَن مشاركته مَعَ الْحر فِي الْأَوْصَاف وَالْأَحْكَام أَكثر، لكَونه ناطقا قَابلا للصناعات إِلَى غير ذَلِك، فالأشبهية فِي الْحَقِيقَة للموصوف بالوصفين، لكنه أضيف إِلَيْهِمَا لِأَن أَحدهمَا سَبَب لأشبهيته (وَاعْلَم أَن الْحَنَفِيَّة ينسبون الدوران لأهل الطَّرْد وَكَذَا السبر) ينسبونه إِلَيْهِم (إِذْ يُرِيدُونَ) أَي الْحَنَفِيَّة بِأَهْل الطَّرْد (من لَا يشْتَرط ظُهُور التَّأْثِير) فِي الْوَصْف الَّذِي يَدعِي عليته (وَعلمت) فِي المرصد الأول (أَنه) أَي التَّأْثِير عِنْد الْحَنَفِيَّة (يُسَاوِي الملاءمة عِنْدهم) أَي الشَّافِعِيَّة، فِيهِ أَن التَّأْثِير عِنْد الْحَنَفِيَّة أَعم من الملاءمة لصدقه على مُؤثر الشَّافِعِيَّة أَيْضا على مَا مر، فَكَأَنَّهُ لدورانه لَا يتَجَاوَز الملاءمة بعد الْمُؤثر (وعَلى هَذَا) أَي على التَّسَاوِي الْمَذْكُور (فَمن الطَّرْد) بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (الإخالة) لِأَنَّهَا إبداء الْمُنَاسبَة بَين الْوَصْف وَالْحكم من غير اعْتِبَار ظُهُور التَّأْثِير (وَيُؤَيِّدهُ) أَي كَون المُرَاد من الطَّرْد عِنْدهم مَا ذكر (تصريحهم) أَي الْحَنَفِيَّة (بِأَن عَامَّة أهل النّظر مالوا إِلَى الِاحْتِجَاج بِهِ) أَي بالطرد (وَمَعْلُوم تصريحهم) أَي الْحَنَفِيَّة (بِأَن علل الشَّرْع لَا بُد فِيهَا من الْمُنَاسبَة) فَلَا يحْتَمل أَن يُرِيدُوا بالطرد مَالا مُنَاسبَة فِيهِ أصلا، لِأَنَّهُ خلاف مَا أجمع عَلَيْهِ من لُزُوم الْمُنَاسبَة فِي الْجُمْلَة (فَلَيْسَ أَهله) أَي الطَّرْد (عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة (إِلَّا من ذكرنَا) أَي من لَا يشْتَرط ظُهُور التَّأْثِير الَّذِي شَرطه الْحَنَفِيَّة (فَلَا أحد يضيف حكم الشَّرْع إِلَى مَالا مُنَاسبَة لَهُ أصلا) أَي إِلَى وصف لَا مُنَاسبَة بَينه وَبَين الحكم بجعله عِلّة لَهُ (كالطول وَالْقصر) فَإِنَّهُمَا فِي عدم الْمُنَاسبَة بِحَيْثُ لَا يضيف إِلَيْهِمَا أحد حكما من الْأَحْكَام، وَلِهَذَا لَا يجد التَّعْلِيل بِأَحَدِهِمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute