التَّعْلِيل بأمثالهما فِي الشَّرْع فِي مَذْهَب من الْمذَاهب أصلا، بِخِلَاف الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فَإِنَّهُ قد يُعلل بهما (فالطرد مَا) أَي وصف (لَا مُنَاسبَة لَهُ) مُنَاسبَة (يثبت اعْتِبَارهَا اتِّفَاقًا) أَي لَو ثَبت اعْتِبَارهَا مُنَاسبَة بالِاتِّفَاقِ، بل اخْتلف فِي اعْتِبَارهَا مِنْهُم من اعتبرها، وَمِنْهُم من لَا يَعْتَبِرهَا (وَالْخلاف فِيمَا بِهِ الِاعْتِبَار (فالحنفية) يَقُولُونَ (لَيْسَ) مَا بِهِ الِاعْتِبَار (إِلَّا التَّأْثِير الَّذِي هُوَ الملاءمة) الْمُعْتَبرَة (للشَّافِعِيَّة) بِمَا مر (وَالشَّافِعِيَّة) تعْتَبر الْمُنَاسبَة (بغَيْرهَا) أَي الملاءمة (أَيْضا، وَلَا يخْتَلف) بِصِيغَة الْمَجْهُول (فِي أَن الشَّارِع إِذا وضع أمرا) لِأَن يكون (عَلامَة) دَالَّة (على حكم كالدلوك) أَي كوضعه زَوَال الشَّمْس أَو غُرُوبهَا عَلامَة (على الْوُجُوب) أَي وجوب الصَّلَاة بقوله تَعَالَى - {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} - (أضيف) ذَلِك الحكم (إِلَيْهِ) أَي إِلَى مَا جعل عَلامَة عَلَيْهِ من غير توقف على بَيَان مُنَاسبَة أَو ملاءمة (لكنه) أَي ذَلِك الْأَمر (لَيْسَ عِلّة) لذَلِك الحكم (إِلَّا مجَازًا) لمشاركته إِيَّاهَا فِي كَونه عَلامَة للْحكم، وَالْعلَّة لَهُ حَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ الْخطاب، وَاصْطِلَاحا مَا شرع الحكم عِنْده لحُصُول مصلحَة. (وَاعْلَم أَن الأمارة فِي اصْطِلَاح الْحَنَفِيَّة لَيست بشهرة الْعَلامَة) أَي لَيست بمشهورة بشهرة كشهرة الْعَلامَة، بل الْعَلامَة عِنْدهم أشهر (وتقسيمهم) أَي الْحَنَفِيَّة (الْخَارِج) عَن الحكم (الْمُتَعَلّق بالحكم إِلَى مُؤثر فِيهِ) أَي فِي الحكم (ومفض إِلَيْهِ) أَي موصل إِلَى الحكم (بِلَا تَأْثِير) هما (الْعلَّة وَالسَّبَب، وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْخَارِج مؤثرا وَلَا مفضيا إِلَيْهِ (فَإِن توقف عَلَيْهِ) أَي على هَذَا الْخَارِج (الْوُجُود) أَي وجود الحكم (فَالشَّرْط وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْخَارِج مؤثرا وَلَا مفضيا إِلَيْهِ، فَإِن توقف عَلَيْهِ: أَي على هَذَا الْخَارِج الْوُجُود: أَي وجود الحكم فَالشَّرْط، وَإِن لم يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوُجُود (فَإِن دلّ) ذَلِك الْخَارِج (عَلَيْهِ) أَي على الحكم بِأَن يكون الْعلم بتحققه مستلزما للْعلم بِوُجُود الحكم (فالعلامة). قَوْله تقسيمهم مُبْتَدأ، وَمَا بعده مُتَعَلق بِهِ، وَخَبره مَحْذُوف بِقَرِينَة السِّيَاق والسباق، يَعْنِي يُفِيد مَا قُلْنَا من أَن الْعَلامَة لَيست بعلة حَقِيقِيَّة، ثمَّ ذكر تقسيمهم هَهُنَا تَوْطِئَة لتفصيل كل وَاحِد مِنْهُم من هَذِه الْأَقْسَام وتقسيمه إِلَى أَقسَام سوى الْعلَّة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (فالعلة) الْحَقِيقِيَّة وَمَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْعلَّة بالاشتراك أَو بالمجاز (تقدّمت بأقسامها) فِي تَتِمَّة من المرصد الأول (وَهَذَا) الَّذِي نشرع فِيهِ (تقسيمهم مَا سواهَا) أَي الْعلَّة (فالسبب تجب) أَن تكون (الْعلَّة بَينه) أَي بَين السَّبَب (وَبَين الحكم) لِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ من عِلّة مُؤثرَة فِيهِ أَو مَوْضُوعَة لَهُ، وَالسَّبَب طَرِيق مفض إِلَيْهِ من غير تَأْثِير فِيهِ وَوضع لَهُ (فَلَمَّا تُضَاف) الْعلَّة (إِلَيْهِ) أَي إِلَى السَّبَب (كالسوق) للدابة (الْمُضَاف إِلَيْهِ الْعلَّة وَطْؤُهَا) عطف بَيَان لِلْعِلَّةِ: أَي وَطْء الدَّابَّة نفسا أَو مَالا، فالسوق سَبَب التّلف، وَلَيْسَ بعلة لَهُ لِأَنَّهُ (لم يوضع للتلف) بل لسير الدَّابَّة لما يُرَاد بِهِ (وَلم يُؤثر فِيهِ) أَي فِي التّلف (بل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute