للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثلا وَفرض الشَّيْء غَيره فَلَا يستدعى محلا، وَلذَا صَحَّ تَعْلِيق طَلَاق الْمُطلقَة ثَلَاثًا بتزوجها فَيَقَع لَو تزَوجهَا بعد التَّحْلِيل فَلم يستدع ابتداؤه الْمحل، فبقاؤه وَهُوَ أسهل أولى، وَاشْتِرَاط الْملك عِنْد ابْتِدَاء التَّعْلِيق ليَكُون الْجُزْء الْمَوْقُوف على الْملك غَالب الْوُجُود بالاستصحاب فَيجْعَل تَأْكِيد الْبر الْمَقْصُود من الْيَمين، وَلَا حَاجَة للتعليق بِالْملكِ إِلَى ذَلِك لتيقن وجوده عِنْد فَوَات الْبر بِالتَّزْوِيجِ مثلا وَمَعَ هَذَا لَا يشْتَرط عِنْد بَقَائِهِ فَلَا يبطل التَّعْلِيق بِزَوَال الْملك بِأَن يطلقهَا دون الثَّلَاث، فَكَذَا بِزَوَال الْحل بِأَن يطلقهَا ثَلَاثًا قُلْنَا شُبْهَة الثُّبُوت للمعلق بِالنِّكَاحِ مُحَققَة لِأَن ملك النِّكَاح عِلّة ملك الطَّلَاق وَصِحَّته، وَلَيْسَ للشَّيْء قبل عِلّة صِحَّته حَقِيقَة الثُّبُوت فَكَذَا شبهته فَلم يشْتَرط للمعلق بِالنِّكَاحِ قيام الْمحل بِخِلَاف الْمُعَلق بِغَيْرِهِ، وَأَيْضًا ملك الطَّلَاق مُسْتَفَاد من ملك النِّكَاح، وَلما استدعى صِحَة ملك النِّكَاح الْحل، لَا الْملك استدعى ملك الطَّلَاق إِيَّاه أَيْضا، فالمنافي لَهَا زَوَال الْحل لَا الْملك كَذَا فِي مرْآة الْأُصُول، وَلَا يخفى أَن الْمُدعى شُبْهَة الْعلَّة للمعلق، وَالدَّلِيل يُفِيد شُبْهَة الثُّبُوت فِيهِ، وَبَيَان تحقق شبهته فِي السَّبَب الَّذِي هُوَ التَّعْلِيق زَائِد على الْمَقْصُود: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِشَارَة إِلَى دَلِيل آخر على الِاحْتِيَاج إِلَى بَقَاء الْمحل، ثمَّ المُرَاد بِنَفْي شُبْهَة الْحَقِيقَة فِي قَول زفر شُبْهَة الْمُعَلق بالمنجز الَّذِي هُوَ عِلّة للطَّلَاق مثلا، وَقَوله إِلَى آخِره لَا حَاجَة لزفَر إِلَيْهِ، وَقَوله وَمَعَ هَذَا أَي مَعَ اشْتِرَاط ابْتِدَاء التَّعْلِيق فِي المنازع فِيهِ، وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ إطناب من غير تَنْقِيح (وَجَرت عَادَتهم) أَي الْحَنَفِيَّة (أَن يعينوا) أَي بِأَن يعينوا (أَسبَاب المشروعات) لَا خلاف فِي أَن الشَّارِع هُوَ الله الْمُنْفَرد بِإِيجَاب الْأَحْكَام غير أَن جلها مُضَافَة إِلَى مَا هُوَ سَبَب فِي الظَّاهِر ليتوصلوا بِهِ إِلَى مَعْرفَتهَا تيسيرا على الْعباد (قَالُوا: السَّبَب لوُجُوب الْإِيمَان أَي التَّصْدِيق وَالْإِقْرَار) بِوُجُودِهِ تَعَالَى ووحدانيته وَسَائِر صِفَاته على مَا عرف فِي الْكَلَام (حُدُوث الْعَالم) أَي كَونه مَسْبُوقا بِالْعدمِ وافتقاره إِلَى مُؤثر وَاجِب لذاته قطعا للتَّعْلِيل، وَلذَا يُسمى عَالما فَإِنَّهُ يحصل الْعلم بِوُجُود الصَّانِع وَهُوَ (كل مَا سواهُ تَعَالَى مِمَّا فِي الْآفَاق والأنفس) وَيجوز أَن يكون كل بِالْجَرِّ على الْبَدَل من الْعَالم. قَالَ الله تَعَالَى: - {سنريهم آيَاتنَا فِي الْآفَاق وَفِي أنفسهم} - الْآيَة (أَي أصل الْوُجُوب) فِي الذِّمَّة، لَا وجوب الْأَدَاء (فَلِذَا) أَي لأجل كَون السَّبَب حُدُوثه (صَحَّ إِيمَان الصَّبِي الْعَاقِل) لتحَقّق سَبَب الْوُجُوب، وَأَدَاء الْوَاجِب بعد تحقق سَبَب وُجُوبه صَحِيح، ثمَّ تحقق رُكْنه وَهُوَ التَّصْدِيق وَالْإِقْرَار الصَّادِر عَن نظر وَتَأمل عَن أَهله (وَقد ثَبت الحكم بِهِ) أَي بِالْإِيمَان (عَلَيْهِ) أَي على الصَّبِي (شرعا اتِّفَاقًا تبعا) لِأَبَوَيْهِ (فَيصح) إيمَانه (مَعَ إِقْرَاره اخْتِيَارا) صادرا (عَن اعْتِقَاد صَحِيح) بطرِيق (أولى) لِأَنَّهُ إِذا حكم بِصِحَّة الْإِيمَان من غير إِقْرَار وَلَا اخْتِيَار من غير أَهْلِيَّة بِمُجَرَّد التّبعِيَّة فإيمان من استجمع ذَلِك أولى بالحكم بِالصِّحَّةِ (وَتقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>