مَا فِيهِ) أَي فِي تحقق أصل الْوُجُوب فِي الصَّبِي الْعَاقِل من خلاف شمس الْأَئِمَّة فِي الْفَصْل الرَّابِع فِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَمَا يتَعَلَّق بِهِ (فَأَما وجوب الْأَدَاء) للْإيمَان (فَأَبُو الْيُسْر) أَي فَقَالَ أَبُو الْيُسْر هُوَ (بِالْخِطَابِ) أَي ببلوغ الْخطاب التكليفي بعد الْبلُوغ (عِنْد عَامَّة الْمَشَايِخ فعذر من بلغ بشاهق) فِي الْقَامُوس: الشاهق الْمُرْتَفع من الْجبَال والأبنية وَغَيرهَا (وَلم يبلغهُ) الْخطاب الْمُتَعَلّق بِالْإِيمَان إِذا مَاتَ من غير إِيمَان وَإِن أدْرك مُدَّة أمكن فِيهَا التَّأَمُّل وَالنَّظَر فِي الْآيَات (و) عِنْد (الآخرين) مِنْهُم القَاضِي أَبُو بكر وفخر الْإِسْلَام هُوَ (بِالْأولِ) أَي بحدوث الْعَالم فَلَا يعْذر من ذكر بَعْدَمَا أدْرك الْمدَّة الْمَذْكُورَة (وَشرط الْخطاب) أَي بُلُوغه فِي أَوَان التَّكْلِيف عِنْد الآخرين (فِيمَا) أَي فِي حكم (يحْتَمل النّسخ) من الْأَحْكَام العملية (وَهُوَ) أَي هَذَا الِاخْتِلَاف (بِنَاء على اسْتِقْلَال الْعقل يدْرك إِيجَابه) تَعَالَى للْإيمَان (و) على (عَدمه) أَي عدم استقلاله بذلك كَمَا هُوَ قَول عَامَّة الْعلمَاء (و) هُوَ الْمُخْتَار (تقدم) الْكَلَام فِي هَذَا فِي الْفَصْل الثَّانِي فِي الحكم (و) السَّبَب (لوُجُوب الصَّلَاة الْوَقْت) أَي وَقتهَا الْمَشْرُوعَة هِيَ فِيهِ، لإضافتها إِلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى - {وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} - لِأَنَّهَا تفِيد الِاخْتِصَاص وكماله فِي السَّبَبِيَّة، ولتكرر وُجُوبهَا بتكرره، وَلعدم صِحَّتهَا قبله كَمَا قَالُوا (وَالْوَجْه) الْوَجِيه (قَول الْمُتَقَدِّمين) مِنْهُم وَهُوَ (أَنه) أَي سَبَب الْوُجُوب (لكل) من (الْعِبَادَات توالي النعم المفضية فِي) نظر (الْعقل إِلَى وجوب الشُّكْر فللإيمان) أَي فالسبب لوُجُوبه (شكر نعْمَة الْوُجُود وَكَمَال الْعقل، وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن السَّبَب مَا قُلْنَا وَكَانَ مَا ذكر أَولا (فالعالم دَلِيل وجوده تَعَالَى دون إِيجَابه) أَي فَيُقَال فِي رده الْعَالم دَلِيل وجود مبدأ الْوَاجِب لبُطْلَان التسلسل والدور واحتياجه إِلَى الْمُؤثر، فَإِن جعل الدَّلِيل سَببا للمدلول كَانَ الْعَالم من حَيْثُ النّظر فِيهِ سَببا للْعلم بِالْوُجُوب، دون نفس الْوُجُوب لِأَنَّهُ مُتَقَدم بِالذَّاتِ على الْعَالم، وَلَيْسَ دَلِيلا على إِيجَابه على الْعُقَلَاء شَيْئا كَمَا تقدم أَنه الْمُخْتَار، وَلَو كَانَ دَلِيلا على الْإِيجَاب لأمكن اعْتِبَار سببيته لوُجُوب الْإِيمَان (و) سَبَب الْوُجُوب (للصَّلَاة شكر نعْمَة الْأَعْضَاء السليمة) فَإِنَّهُ لما كَانَت الْأَعْضَاء كلهَا تسْتَعْمل فِي الصَّلَاة ناسب أَن تجْعَل شكرا لسلامتها (و) سَبَب الْوُجُوب (للصَّوْم شكر نعْمَة اقْتِضَاء الشَّهَوَات و) سَبَب الْوُجُوب (لِلزَّكَاةِ شكر نعْمَة المَال) الْفَاضِل عَن الْحَاجة الْأَصْلِيَّة (و) سَبَب الْوُجُوب (لِلْحَجِّ شكر نعْمَة الْبَيْت المجعول هدى للْعَالمين ومثابة للنَّاس) وَاعْترض عَلَيْهِ الشَّارِح بِأَن السَّبَب نفس النعم الْمَذْكُورَة وَالشُّكْر سَببا لَهَا، فَالْوَجْه إِمَّا حذف الْجَار من قَوْله للْإيمَان وَمَا عطف عَلَيْهِ، وَإِمَّا حذف شكر ليَكُون التَّقْدِير الْإِيمَان شكر نعْمَة الْوُجُود أَو السَّبَب لَهُ نعْمَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute