للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْء مَا يُفْضِي إِلَيْهِ، وَالْحَدَث يزِيل الطَّهَارَة وينافيها وَأجِيب بِأَن الْمُسَبّب وجوب الطَّهَارَة لَا نَفسهَا، وَهُوَ لَا يُنَافِيهِ (ثمَّ إِن نقضهَا) أَي نقض الْمدَّة للطَّهَارَة السَّابِقَة عَلَيْهِ (لم يمْتَنع) كَونه (سَببا لوُجُوب) طَهَارَة (أُخْرَى) دفع لما يتَوَهَّم من أَن سَبَبِيَّة الْحَدث للطَّهَارَة مُنَافِيَة لسببيته لنقضها (لَكِن) عدم الِامْتِنَاع يُفِيد صلاحيته لذَلِك، و (مَعَ) وجود (الصلاحية يحْتَاج إِلَى دَلِيل الِاعْتِبَار) أَي اعْتِبَار الشَّارِع كَونه سَببا لَهَا لِأَن السَّبَبِيَّة لَا تتَحَقَّق إِلَّا بِهِ وَهُوَ مَفْقُود (فَالْأَوْجه) أَن يُقَال: سَبَب وجوب الطَّهَارَة (وجوب مشروطها) أَي الْمَشْرُوط صِحَّته بِالطَّهَارَةِ هُوَ الصَّلَاة لما تقرر من أَن وجوب الشَّيْء يسْتَلْزم وجوب شَرطه (وَأَسْبَاب الْعُقُوبَات الْمَحْضَة) أَي الْأَحْكَام الَّتِي هِيَ عقوبات مَحْضَة لَيْسَ فِيهَا معنى الْعِبَادَة (كالحدود مَحْظُورَات مَحْضَة) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَالْقَذْف وَغَيره (و) أَسبَاب (مَا فِيهِ معنى الْعقُوبَة وَالْعِبَادَة من الْكَفَّارَات) بَيَان لما، ثمَّ علل كَون الْكَفَّارَات فِيهَا معنى الْعقُوبَة وَالْعِبَادَة بقوله (إِذْ لم تجب) الْكَفَّارَة (ابْتِدَاء تَعْظِيمًا) لله تَعَالَى كَسَائِر الْعِبَادَات، بل جَزَاء لفعل العَبْد، وفيهَا معنى الْحَظْر والزجر، وَهَذَا معنى الْعقُوبَة. ثمَّ بَين كَونهَا فِيهَا معنى الْعِبَادَة بقوله (وَشرع فِيهَا) أَي فِي الْكَفَّارَات (نَحْو الصَّوْم) من الصَّدَقَة وَالْإِعْتَاق (ولزمت النِّيَّة) فِيهَا: أَي فِي أَدَاء الْكَفَّارَات، ثمَّ أَسبَاب مَا فِيهِ إِلَى آخِره مُبْتَدأ وَخَبره (مَا يتَرَدَّد بَين الْحَظْر وَالْإِبَاحَة) ليلائم السَّبَب الْمُسَبّب ويقابل الْحَظْر الْعقُوبَة، وَالْإِبَاحَة الْعِبَادَة، وَلذَا لَا يصلح الْمَحْظُور الْمَحْض كَالْقَتْلِ الْعمد وَالْيَمِين الْغمُوس سَببا لَهَا كَمَا لَا يصلح الْمُبَاح الْمَحْض كَالْقَتْلِ بِحَق وَالْيَمِين المنعقدة قبل الْحِنْث سَببا لَهَا (كالإفطار) الْعمد فِي نَهَار رَمَضَان لِأَنَّهُ مُبَاح من حَيْثُ أَنه يلاقي فعل نَفسه الَّذِي هُوَ مَمْلُوك لَهُ ومحظور من حَيْثُ أَنه جِنَايَة على مُبَاح الصَّوْم، وَأورد عَلَيْهِ الْإِفْطَار بِالزِّنَا أَو شرب الْخمر فَإِنَّهُ تجب بِهِ الْكَفَّارَة، وَهُوَ حرَام من كل وَجه وَأجِيب بِأَنَّهُ مُبَاح من وَجه، لِأَن الْإِفْطَار يلاقي الْإِمْسَاك والإمساك حَقه والإفطار بِاعْتِبَار كَونه جِنَايَة على الصَّوْم يكون مَحْظُورًا، وَالزِّنَا وَشرب الْخمر ليسَا بسببين لِلْكَفَّارَةِ، أَلا ترى أَنه لَو كَانَ نَاسِيا لَا تجب الْكَفَّارَة بهما، وَدفع بِأَنَّهُ ينْتَقض بِالْقَتْلِ الْعمد لِأَنَّهُ يلاقي فعل الْقَاتِل فَلَا يكون مَحْظُورًا مَحْضا، وَالَّذِي يظْهر أَن الْتِزَام كَون سَبَب الْكَفَّارَة فِي مثل الْإِفْطَار بِالزِّنَا مَحْظُورًا مَحْضا، وَعدم تَحْصِيل تِلْكَ الملائمة بَين السَّبَب والمسبب خير من التَّأْوِيل الْمَذْكُور كَمَا لَا يخفى على الْمنصف (وَالظِّهَار) وَهُوَ تَشْبِيه الزَّوْجَة أَو جُزْء مِنْهَا شَائِع أَو معِين يعبر بِهِ عَن الْكل بِمَا لَا يحل النّظر إِلَيْهِ من الْمُحرمَة على التَّأْبِيد فَإِنَّهُ من حَيْثُ كَونه طَلَاقا مُبَاح، وَمن حَيْثُ أَنه مُنكر من القَوْل وزور مَحْظُور، وَالْعود شَرط، وَقيل السَّبَب مَجْمُوع الظِّهَار وَالْعود، لِأَن الظِّهَار كَبِيرَة لَا يصلح وَحده سَببا لِلْكَفَّارَةِ وَيصْلح مَعَ الْعود لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>