عِلّة للتَّحْرِيم وَوُجُوب الْجد كَمَا تقدم (وَيُجَاب بِأَن جهتيهما) أَي جهتي الْعشْر وَالْخَرَاج (متنافية) أَي مُنَافِيَة كل وَاحِدَة مِنْهُمَا الْأُخْرَى: يَعْنِي أَن تعدد الحكم عِنْد اتِّحَاد السَّبَب أَو الْعلَّة يسْتَلْزم تحقق الْجِهَتَيْنِ، مَعًا، لِأَن الشَّيْء من جِهَة وَاحِدَة يَسْتَحِيل أَن يكون مُبْتَدأ لأمرين مُخْتَلفين، وَإِذا كَانَت الجهتان متنافيتين لَا يُمكن تحققهما مَعًا فِي مَحل وَاحِد. ثمَّ بَين التَّنَافِي بقوله (لِأَنَّهَا) أَي الْجِهَة (فِي إِحْدَاهمَا) أَي أرضي الْعشْر وَالْخَرَاج (أما) كَونهَا أَرضًا تسقى (بِمَاء خَاص) وَهُوَ الْأَنْهَار الَّتِي سقتها الْأَعَاجِم: كنهر يزدجرد وَغَيره مِمَّا يدْخل تَحت الْأَيْدِي وَمَاء الْعُيُون والآبار الَّتِي كَانَت بدار الْحَرْب ثمَّ ملكناها قهرا والمستنبطة من بَيت المَال (أَو) كَونهَا أَرضًا صَارَت للْمُسلمين من (فتح عنْوَة) أَي قهرا (الخ) أَي إِلَى آخر مَا ذكره الْفُقَهَاء وَأقر أَهلهَا عَلَيْهَا وَوضع عَلَيْهِم الْجِزْيَة وَعَلَيْهَا الْخراج، أَو صَالحهمْ من جماجمهم وأراضيهم على وَظِيفَة مَعْلُومَة، وَكَذَا إِذا فتحت صلحا وَأقر أَهلهَا عَلَيْهَا لِأَن فِي ابْتِدَاء التوظيف على الْكَافِر الْخراج مُتَعَيّن، وَهَذِه الْأَرَاضِي كلهَا خَرَاجِيَّة (و) الْجِهَة (فِي) الأَرْض (الْأُخْرَى) وَهِي العشرية كَونهَا أَرضًا مَوْقُوفَة (بخلافهما) أَي السَّقْي بِمَا ذكر وَالْفَتْح الْمَذْكُور بِأَن يسقى بِمَاء السَّمَاء أَو الْبحار أَو الْأَنْهَار الْعِظَام الَّتِي لَا تدخل تَحت الْأَيْدِي، وَبِأَن فتحت عنْوَة وَقسمت بَين الْغَانِمين (فَلَا يَجْتَمِعَانِ) أَي الْعشْر وَالْخَرَاج (فِي) مَحل (وَاحِد) لتنافي لازميهما: أَي الْجِهَتَيْنِ المذكورتين وَتعقبه الشَّارِح بِأَن بعض صور الْخراج يكون مَعَ الْفَتْح عنْوَة، وَهُوَ فِيمَا إِذا أقرّ عَلَيْهَا أَهلهَا وَكَذَا بعض صور الْعشْر: وَهُوَ فِيمَا إِذا قسمهَا بَين الْغَانِمين، كَمَا أَن بعض صور الْخراج لَا يكون مَعَ العنوة، بل مَعَ الصُّلْح، أَو بِأَن أَحْيَاهَا وسقاها بِمَاء الْأَنْهَار الصغار وَكَانَت قريبَة من أَرض الْخراج على الْخلاف، فَلَا يلْزم عدم تصور اجْتِمَاعهمَا مُطلقًا وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه غير مُتَّجه، إِذْ المُصَنّف جعل مدَار التَّنَافِي بَينهمَا التَّنَافِي بَين لازميهما، وَجعل لَازم الْخراج أحد الْأَمريْنِ: السَّقْي بِمَا ذكر، وصور الْأَحْيَاء الْمَذْكُورَة أَولا مندرجة تَحْتَهُ والقرب من الشَّيْء فِي حكمه وَالْفَتْح عنْوَة، وَقَالَ إِلَى آخِره: فقد أَشَارَ إِلَى الْقَيْد الْمُمَيز للخراجي عَن العشري فلازم الْخراج الْفَتْح مَعَ ذَلِك قيدا وصلحا على الْوَجْه الْمَذْكُور، وَلم يَجْعَل الْفَتْح عنْوَة مدَار التَّنَافِي فَلَا يرد عَلَيْهِ شَيْء، وَأَيْضًا لم ينْقل عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين الْجمع بَين الْحَقَّيْنِ وَلَو وَقع لنقل، ثمَّ إِن إِخْرَاج الْمُقَاسَمَة بِمَنْزِلَة الْعشْر فِي كَون الْوَاجِب مِنْهُمَا شَيْئا من الْخَارِج، ويفارقه فِي الْمصرف وَالْقدر وَغَيره (و) سَبَب الْوُجُوب (للطَّهَارَة إِرَادَة الصَّلَاة) لقَوْله تَعَالَى {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا} الْآيَة (وَالْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَار حَقِيقَة الْقيام بل) الْإِجْمَاع على اعْتِبَار (الْإِرَادَة) للصَّلَاة (وَالْحَدَث) وَيحْتَمل أَن يكون عطف الْإِرَادَة وَالْحَدَث على قَوْله إِرَادَة الصَّلَاة، وَالْمعْنَى بل السَّبَب لوُجُوبهَا مَجْمُوع الْإِرَادَة وَالْحَدَث، وَأورد أَن سَبَب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute