للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الْقيَاس) الْمُقَابل لَهُ (وَظهر صِحَّته) عطف على خَفِي فَإِذا نظرت فِيهِ أدنى نظر وجدته صَحِيحا وَإِذا تَأَمَّلت فِيهِ حق التَّأَمُّل وجدته فَاسِدا (و) قسموا (الْقيَاس إِلَى مَا ضعف أَثَره، و) إِلَى (مَا ظهر فَسَاده وخفي صِحَّته) وَذَلِكَ بِأَن يَنْضَم إِلَى وَجهه معنى دَقِيق يورثه قُوَّة ورجحانا على وَجه مَا مُقَابِله الَّذِي هُوَ اسْتِحْسَان (فَأول الأول) أَي الْقسم الأول من الِاسْتِحْسَان وَهُوَ مَا قوي أَثَره (مقدم على أول الثَّانِي) أَي الْقسم الأول من الْقيَاس، وَهُوَ مَا ضعف أَثَره، وَوجه التَّقْدِيم ظَاهر (وَثَانِي الثَّانِي) وَهُوَ مَا ظهر فَسَاده وخفي صِحَّته مقدم (على ثَانِي الأول) وَهُوَ مَا ظهر صِحَّته وخفي فَسَاده لِأَنَّهُ لَا عِبْرَة بِالظَّاهِرِ الْمَبْنِيّ على بادئ النّظر فِي مُقَابلَة الْبَاطِن الْمَبْنِيّ على التَّأَمُّل التَّام، فثاني الثَّانِي فِي التَّحْقِيق أقرب إِلَى الصَّوَاب من ثَانِي الأول وَإِن كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ فِي الظَّاهِر، وَإِنَّمَا ترك بَيَان النِّسْبَة بَين قسمي الأول لظُهُوره وَبَين قسمي الثَّانِي اعْتِمَادًا على فهم الْمُخَاطب أَن مَا هُوَ صَحِيح فِي التَّحْقِيق إِذا لم يكن ضَعِيف الْأَثر أولى مِمَّا هُوَ ضَعِيف الْأَثر فَتدبر (مِثَال مَا اجْتمع فِيهِ أول كل) من الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان (سِبَاع الطير) أَي سؤرها كالصقر والبازي إِذْ (الْقيَاس نَجَاسَة سؤرها) قِيَاسا (على) نَجَاسَة سُؤْر (سِبَاع الْبَهَائِم) كالأسد والنمر لاشْتِرَاكهمَا فِي نَجَاسَة اللَّحْم لِحُرْمَتِهِ والسؤر يتبع اللَّحْم لاختلاطه باللعاب الْمُتَوَلد مِنْهُ، وَهَذَا الْمَعْنى ظَاهر غير قوي الْأَثر (وَالِاسْتِحْسَان) طَهَارَة سؤرها، وَهُوَ (الْقيَاس الْخَفي على) طَهَارَة سُؤْر (الْآدَمِيّ) بِجَامِع عدم مأكولية لحم كل مِنْهُمَا، وَإِن كَانَ فِي الْآدَمِيّ للكرامة، وَفِي سِبَاع الطير للنَّجَاسَة، لِأَن الْحُرْمَة لَا لكرامة آيَة النَّجَاسَة (لضعف أثر الْقيَاس) الْمَذْكُور، تَعْلِيل لتقديم الْقسم الأول من الِاسْتِحْسَان فِي الْمِثَال الْمَذْكُور (أَي مؤثره) الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة فَإِن الْمُؤثر إِنَّمَا هُوَ مُؤثر للْحكم وَإِرَادَة الْمُؤثر من لفظ الْأَثر من قبيل إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب (وَهُوَ) أَي مؤثره (مُخَالطَة اللعاب) الْمُتَوَلد من اللَّحْم (النَّجس) للْمَاء فِي السؤر (لانتفائه) أَي انْتِفَاء الْمُؤثر الْمَذْكُور فِي سُؤْر سِبَاع الطير تَعْلِيل لضعف أثر الْقيَاس (إِذْ تشرب) سِبَاع الطير تَعْلِيل لانتفائه (بمنقارها الْعظم الطَّاهِر) صفتان لمنقارها لبَيَان كَونه جافا لَا رُطُوبَة فِيهِ وَأَنه طَاهِر من الْمَيِّت فَمن الْحَيّ أولى، وَهِي تَأْخُذ المَاء بِهِ ثمَّ تبتلعه وَلَا ينْفَصل شَيْء من لُعَابهَا فِي المَاء (فانتفت عِلّة النَّجَاسَة) وَهِي المخالطة الْمَذْكُورَة (فَكَانَ طَاهِرا كسؤر الْآدَمِيّ) بِجَامِع انْتِفَاء علتها، وَهَذَا أولى من قَوْلهم بِجَامِع عدم مأكولية اللَّحْم كَمَا ذكر، إِذْ تعلق بتأثيره فِي الحكم بِطَهَارَة السؤر دون ذَلِك، على أَن عدم الْأكل فِي الْآدَمِيّ للكرامة، وَفِي الْمَقِيس للنَّجَاسَة على مَا مر آنِفا (وأثره) أَي الْقيَاس الْخَفي (أقوى) من ذَلِك الْقيَاس الظَّاهِر لما عرفت من انْتِفَاء مُوجب النَّجَاسَة، ثمَّ إِن كَانَت مضبوطة تغذى بالطاهر فَقَط لَا يكره سؤرها كَمَا روى عَن أبي حنيفَة وَأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>