للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوسُف وَاسْتَحْسنهُ الْمُتَأَخّرُونَ وأفتوا بِهِ وَإِن كَانَت مُطلقَة يكره لِأَنَّهَا لَا تتحامى الْميتَة فَكَانَت كالدجاجة المخلاة، وَعَن أبي يُوسُف أَن مَا يَقع على الْجِيَف سؤره نجس لعدم خلو منقاره عَن النَّجَاسَة عَادَة وَأجِيب بِأَنَّهَا تدلك منقارها بِالْأَرْضِ بعد الْأكل فيزول مَا عَلَيْهِ، وَلعدم تقين النَّجَاسَة مَعَ الْبلوى بهَا فَإِنَّهَا تنقض من الْهَوَاء على المَاء فثبتت الْكَرَاهَة لَا النَّجَاسَة (فَإِن قلت سبق عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة فِي شُرُوط الْعلَّة (أَن لَا تَعْلِيل بِالْعدمِ، وَهَذَا الِاسْتِحْسَان قِيَاس علل فِيهِ بِهِ) أَي بِالْعدمِ لِأَن حَاصله تَعْلِيل الطَّهَارَة بِعَدَمِ مُخَالطَة النَّجس (قُلْنَا تقدم) ثمَّة (اسْتثِْنَاء عِلّة متحدة) أَي اسْتثِْنَاء التَّعْلِيل بِعَدَمِ عِلّة لَيْسَ لحكمها عِلّة سواهَا من عُمُوم نفي التَّعْلِيل بِالْعدمِ (فيستدل بعدمها) أَي بِعَدَمِ الْعلَّة المتحدة (على عدم حكمهَا) لِأَن الحكم لَا يُوجد بِدُونِ الْعلَّة، والمفروض أَنه لَا عِلّة لَهُ سوى مَا أضيف إِلَيْهِ الْعَدَم، يَعْنِي أَن التَّعْلِيل بِعَدَمِ الْعلَّة المتحدة عبارَة عَن الِاسْتِدْلَال بِالْعدمِ على الْعَدَم (لَا) أَن ذَلِك التَّعْلِيل (تَعْلِيل حَقِيقِيّ) إِذْ التَّعْلِيل الْحَقِيقِيّ بإبراز عِلّة مُؤثرَة مستجمعة للشرائط الْمُعْتَبرَة فِي الْعلَّة المرعية، وَذَلِكَ مَفْقُود فِيمَا نَحن فِيهِ (ومثلوا مَا اجْتمع فِيهِ ثانياهما) أَي الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان وهما الْقيَاس الظَّاهِر فَسَاده الْخَفي صِحَّته، وَالِاسْتِحْسَان الظَّاهِر صِحَّته الْخَفي فَسَاده (بِسَجْدَة التِّلَاوَة الْوَاجِبَة فِي فِي الصَّلَاة، الْقيَاس) جَوَاز (أَن يرْكَع) فِي الصَّلَاة (بهَا) أَي بِسَبَبِهَا نَاوِيا أداءها بِهِ سَوَاء كَانَ غير رُكُوع الصَّلَاة أَو ركوعها مَا لم يَتَخَلَّل بَينهمَا فاصل وَهُوَ مِقْدَار ثَلَاث آيَات (لظُهُور أَن إِيجَابهَا) أَي سَجْدَة التِّلَاوَة (لإِظْهَار التَّعْظِيم) لله تَعَالَى بالخضوع لَهُ مُوَافقَة لمن عظم، وَمُخَالفَة لمن استكبر (وَهُوَ) أَي إِظْهَار التَّعْظِيم حَاصِل (فِي الرُّكُوع، وَلذَا) أَي ولوفور التَّعْظِيم فِيهِ (أطلق عَلَيْهَا) أَي السَّجْدَة (اسْمه) أَي اسْم الرُّكُوع فِي قَوْله تَعَالَى (وخر رَاكِعا) أَي سقط سَاجِدا لِأَن الخرور السُّقُوط على الْوَجْه، فقيس سُقُوطهَا بِهِ على سُقُوطهَا بِنَفسِهَا بِجَامِع الخضوع تَعْظِيمًا غير أَن السُّجُود أفضل فِي أَدَاء الْوَاجِب (وَهِي) أَي الْعلَّة الْمَذْكُورَة فِي الْقيَاس الْمَذْكُور (صِحَّته الْخفية) أَي وَجه صِحَّته الْخفية (وفساده الظَّاهِر لُزُوم تأدي الْمَأْمُور بِهِ) وَهُوَ السُّجُود (بِغَيْرِهِ) أَي بِغَيْر الْمَأْمُور بِهِ، وَهُوَ الرُّكُوع (وَالْعَمَل بالمجاز) أَي بِالْمَعْنَى الْمجَازِي للفظ السُّجُود وَهُوَ الرُّكُوع (مَعَ إِمْكَانه) أَي الْعَمَل (بِالْحَقِيقَةِ) وَهُوَ السُّجُود، وَلَا يخفى أَن لُزُوم مَا ذكر إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الظَّاهِر وَبعد التَّأَمُّل تبين أَن الْمَأْمُور بِهِ بِحَسب الْحَقِيقَة إِظْهَار التَّعْظِيم وَلَفظ السُّجُود مُسْتَعْمل فِي حَقِيقَته غير أَنه ألحق بِهِ الرُّكُوع بطرِيق الْقيَاس (وَالِاسْتِحْسَان) الأخفى (لَا) لكَون الْقيَاس الْمُقَابل لَهُ خَفِي الصِّحَّة، وكل اسْتِحْسَان أخْفى مِمَّا يُقَابله أَنه لَا يرْكَع بهَا كَمَا هُوَ قَول الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة (قِيَاسا على سُجُود الصَّلَاة) فَإِنَّهُ (لَا يَنُوب ركوعها) أَي الصَّلَاة (عَنهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>