بِيعَتْ بِمِثْلِهَا (أولى من) قَول الشَّافِعِي يشْتَرط قَبضه لِأَن كل مِنْهُمَا (مَال لَو قوبل بِجِنْسِهِ حرم التَّفَاضُل) كَمَا أَن الذَّهَب وَالْفِضَّة لَو قوبل بِجِنْسِهِ حرم التَّفَاضُل وَاشْترط الْقَبْض، وَإِنَّمَا قُلْنَا أولى (إِذْ لَا ينعكس) قَوْله إِلَى كل مَا لَو قوبل بِجِنْسِهِ لَا يحرم التَّفَاضُل لَا يشْتَرط فِيهِ الْقَبْض (لاشْتِرَاط قبض رَأس مَال السّلم) حَال كَونه (غير رِبَوِيّ) من ثِيَاب وَغَيرهَا، مَعَ أَنه لَو قوبل بِجِنْسِهِ لَا يحرم التَّفَاضُل (بِخِلَاف الأول) وَهُوَ قَوْلنَا مَبِيع الخ (إِذْ كلما انْتَفَى) الْوَصْف الَّذِي هُوَ التَّعْيِين (انْتَفَى) الحكم الَّذِي هُوَ عدم اشْتِرَاط الْقَبْض (وَلذَا) أَي وَلكَون التَّعْيِين عِلّة عدم اشْتِرَاط الْقَبْض المستلزم كَون عدم التعين عِلّة اشْتِرَاطه (لزم الْقَبْض فِي الصّرْف) وَهُوَ بيع جنس الْأَثْمَان بَعْضهَا بِبَعْض كَبيع الدَّرَاهِم بِالدَّرَاهِمِ أَو بِالذَّهَب (لِأَن النَّقْد لَا يتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ) فَلَو صَحَّ بِدُونِ الْقَبْض لَكَانَ بيع دين بدين وَهُوَ غير جَائِز (و) فِي (السّلم لانْتِفَاء تعْيين الْمَبِيع) وَهُوَ الْمُسلم فِيهِ لكَونه دينا، فاشتراط الْقَبْض لرأس المَال لعدم التعين فَإِن قلت: الشَّافِعِي يَقُول بتعين النُّقُود بِالتَّعْيِينِ فَلَا يتم الْإِلْزَام عَلَيْهِ قلت يتم عَلَيْهِ نظرا إِلَى دَلِيل عدم تعينها بِهِ وَأورد أَيْضا أَن الْمَبِيع فِي بيع إِنَاء فضَّة أَو ذهب بِإِنَاء كَذَلِك يتَعَيَّن بِالتَّعْيِينِ، وَمَعَ ذَلِك يشْتَرط قَبضه فِي الْمجْلس وَبِأَن رَأس مَال السّلم إِذا كَانَ ثوبا بِعَيْنِه شَرط قَبضه فِي الْمجْلس أَيْضا مَعَ أَنه مُتَعَيّن بِنَفسِهِ وَأجِيب بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي فيهمَا عدم اشْتِرَاط الْقَبْض غير أَنه لما كَانَ الأَصْل فِي الصّرْف وَالسّلم ورودهما على الدّين بِالدّينِ وَرُبمَا يَقع على غير ذَلِك، ويتعذر على عَامَّة التُّجَّار معرفَة مَا يتَعَيَّن وَمَا لَا يتَعَيَّن اشْترط الْقَبْض فيهمَا مُطلقًا احْتِيَاطًا وتيسيرا فَإِن قيل: الْمَبِيع فِي السّلم الْمُسلم فِيهِ وَلَيْسَ بمقبوض، والمقبوض رَأس المَال وَلَيْسَ بمبيع أُجِيب بِأَن المُرَاد كل مَبِيع مُتَعَيّن لَا يشْتَرط قبض بدله، وينعكس إِلَى كل مَبِيع غير مُتَعَيّن يشْتَرط قبض بدله، أَو كل مَبِيع يتَعَيَّن فِيهِ الْمَبِيع، وَالثمن لَا يشْتَرط فِيهِ الْقَبْض أصلا وَيشْتَرط فِي كل مَبِيع لَا يتعينان فِيهِ يشْتَرط الْقَبْض فِي الْجُمْلَة فَلْيتَأَمَّل. (وَهَذَا) أَي الْعَكْس (أضعفها) أَي الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة (لِأَن الحكم يثبت بعلل شَتَّى) فَيجوز أَن يُوجد مَعَ انْتِفَاء عِلّة مُعينَة لثُبُوته بغَيْرهَا، فَإِن انْتِفَاء الْخَاص لَا يسْتَلْزم انْتِفَاء الْعَام، غير أَنه إِذا كَانَ بَين الحكم وَالْعلَّة تلازم وجودا وعدما كَانَ دَلِيلا على وكادة اتِّصَاله بهَا فيصلح مرجحا على مَا لَيْسَ بِهَذِهِ المثابة وَيظْهر ضعفه إِذا عَارضه مُرَجّح من الثَّلَاثَة السَّابِقَة (وابتنى على مَا سلف) فِي فصل التَّرْجِيح (من عدم التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة والرواة) عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف (أَن لَا يرجح قِيَاس) فَاعل ابتنى (بآخر) مُتَعَلق بترجح: أَي بِقِيَاس آخر (بِأَن خَالفه) ذَلِك الْقيَاس المنضم إِلَيْهِ (فِي الْعلَّة) مُتَعَلق بخالفة (لَا الحكم على معارضه) أَي على قِيَاس معَارض لَهُ، لِأَنَّهُ لَا تَرْجِيح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة (وَلَو اتفقَا) أَي الْقيَاس المنضم إِلَيْهِ والمنضم (فِيهَا) أَي الْعلَّة كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute