الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ: أَي كوجوب قَالَا بِهِ لِئَلَّا يلْزم خلو الوقائع عَن الْأَحْكَام فَإِنَّهَا لَا تَنْحَصِر والنصوص محصورة وَالْقِيَاس كافل بهَا، وَأَشَارَ إِلَى جوابهما بقوله (وَلُزُوم خلو وقائع) عَن الحكم (لولاه) أَي تَكْلِيف الْمُجْتَهد بِطَلَب المناط (مُنْتَفٍ لانضباط أَجنَاس الْأَحْكَام وَالْأَفْعَال) أَي أَفعَال الْعباد الَّتِي تتَعَلَّق بهَا الْأَحْكَام (وَإِمْكَان إفادتها) أَي إِفَادَة أجناسها الْمُتَعَلّقَة بالأفعال (العمومات) بِالرَّفْع على أَنه فَاعل إفادتها فَهِيَ مُضَافَة إِلَى الْمَفْعُول: مثل كل ذِي نَاب من السبَاع حرَام، وكل مُسكر حرَام وكل مَكِيل أَو مطعوم رِبَوِيّ (وَلَو لم تفدها) أَي العمومات الْأَحْكَام كلهَا (ثَبت فِيهَا) أَي فِي الوقائع الَّتِي لم يفد حكمهَا (حكم الأَصْل) وَهُوَ الْإِبَاحَة (فَلَا خلو) لواقعة عَن الحكم، فَلَا وجوب لعدم الْمُوجب (وَلَا مُمْتَنع عقلا) كَمَا ذهب إِلَيْهِ الزيدية وَبَعض الْمُعْتَزلَة مِنْهُم النظام، لكنه قَالَ فِي شريعتنا خَاصَّة وَإِنَّمَا قُلْنَا جَائِز (إِذْ لَا يلْزم إِلْزَامه) أَي الْمُجْتَهد بِطَلَب المناط (محَال) فَاعل لَا يلْزم، وَلَا يَعْنِي بِالْجَوَازِ إِلَّا عدم لُزُوم محَال، لَا لنَفسِهِ وَلَا لغيره (وَكَون) اتِّبَاع (الظَّن مَمْنُوعًا عقلا لاحْتِمَاله) أَي الظَّن (الْخَطَأ) وَالْقِيَاس لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن فَيجب الِاحْتِرَاز عَن مَحْذُوف فَلَا تَكْلِيف بِمَا يَئُول إِلَيْهِ (مَمْنُوع) إِذْ لَا يمْتَنع فِيمَا يغلب فِيهِ جَانب الصَّوَاب (بل أَكثر تَصَرُّفَات الْعُقَلَاء لفوائد غير متيقنة) كَيفَ وَإِلَّا يلْزم ترك الزَّرْع وَالتِّجَارَة والتعلم إِلَى غير ذَلِك لعدم تَيَقّن حُصُول النتيجة (وَبِه) أَي لكَون أَكثر التَّصَرُّفَات كَذَا (ظهر إِيجَابه) أَي الْعقل (الْعَمَل عِنْد ظن الصَّوَاب) كَيفَ وَلَوْلَا إِيجَابه ذَلِك لما اتّفق الْعُقَلَاء فِي مُبَاشرَة تِلْكَ التَّصَرُّفَات بِكَمَال الاهتمام لتَحْصِيل الْفَوَائِد مَعَ إِمْكَان عدم ترتبها على الْعَمَل (وَثَبت) إِيجَاب الْعَمَل عِنْد ظن الصَّوَاب (شرعا) يعلم ذَلِك (بتتبع موارده) أَي الشَّرْع كَمَا سبق فِي خبر الْوَاحِد الْعدْل إِلَى غير ذَلِك من الْأَدِلَّة الظنية (وَثُبُوت الْجمع) شرعا (بَين المختلفات) كالتسوية بَين قتل الْمحرم الصَّيْد عمدا وَخطأ فِي الْفِدَاء وَبَين زنا الْمُحصن وردة الْمُسلم فِي الْقَتْل إِلَى غير ذَلِك (و) ثُبُوت (الْفرق) شرعا (بَين المتماثلات) كَقطع السَّارِق للقليل دون غَاصِب الْكثير مَعَ تماثلهما فِي أَخذ مَال الْغَيْر وَجلد من نسب الْعَفِيف إِلَى الزِّنَا، دون من نسب الْمُسلم إِلَى الْكفْر مَعَ تماثلهما فِي نِسْبَة الْمحرم إِلَى الْمُسلم (إِنَّمَا يستلزمه) أَي كَون التَّكْلِيف بِمَا ذكر مستحيلا الْقيَاس وَهُوَ إِلْحَاق النظير بالنظير وَهُوَ غير مُعْتَبر شرعا، بل قد يعْتَبر خِلَافه (لَو لم يكن) الْجمع بَين المختلفات فِي الحكم الْوَاحِد (بِجَامِع) وصف اشتركت فِيهِ يُوجب (التَّمَاثُل) بَينهَا، لِأَن المختلفات يجوز اجتماعها فِي صفة بهَا يحصل تماثلها وَكَون تِلْكَ الصّفة عِلّة لحكم فيشترك فِي الحكم (أَو) لم يكن الْفرق بَين المتماثلات لوُجُود (فَارق) بَينهَا (تَقْتَضِيه) أَي الْفرق بَينهمَا فِي الحكم وعلته، وَلَا شكّ أَن اشتراكهما فِي الحكم فِي الأَصْل إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ مَا بِهِ التَّمَاثُل عِلّة لَهُ، وَلَا يكون لَهُ فِي الأَصْل معَارض يقتضى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute