للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكما آخر وَلَا فِي الْفَرْع معَارض أقوى، وكل ذَلِك غير مَعْلُوم (وَلَا) مُمْتَنع (سمعا) أَيْضا (خلافًا للظاهرية والقاساني) بِالسِّين الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى قَرْيَة بتركستان (والنهرواني) هَكَذَا فِي الْكَشْف، وروى بعض الْأُصُولِيِّينَ عَنْهُم إِنْكَار وُقُوعه، وَذكر الْآمِدِيّ أَنهم اتَّفقُوا على وُقُوع ذِي الْعلَّة الْمَخْصُوصَة والمومى إِلَيْهَا. وَقَالَ السُّبْكِيّ وَهُوَ الْأَصَح فِي النَّقْل عَنْهُم، كَذَا ذكر الشَّارِح لَكِن المُصَنّف اخْتَار مَا فِي الْكَشْف لما ترجح عِنْده من النَّقْل (واستدلالهم) أَي الظَّاهِرِيَّة وَمن مَعَهم على الِامْتِنَاع (بِأَن فِي حكمه) أَي الْقيَاس (اخْتِلَافا) بَين الْعلمَاء، فَمنهمْ من قَالَ بِجَوَازِهِ، وَمِنْهُم من لم يجوزه، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد اخْتلَافهمْ فِي حكم حَادِثَة وَاحِدَة بِحَسب مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ قِيَاس كل وَاحِد مِنْهُم، بل هَذَا هُوَ الْأَظْهر (فَهُوَ) أَي الْقيَاس (مَرْدُود لِأَنَّهُ من عِنْد غير الله) تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى - {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} - فَإِنَّهُ يدل على أَن مَا هُوَ من عِنْد الله تَعَالَى لَا يكون فِيهِ اخْتِلَاف، وَمَا من عِنْد غَيره يكون فِيهِ، وَإِلَّا لم يَصح الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الِاخْتِلَاف على كَونه من عِنْد الله تَعَالَى، وَمَا كَانَ من عِنْد غير الله تَعَالَى فَهُوَ مَرْدُود (مَدْفُوع) خبر لقَوْله استدلالهم (بِمَنْع كَون الِاخْتِلَاف الْمُوجب للرَّدّ فِي الْآيَة مَا) أَي الِاخْتِلَاف الْكَائِن (فِي) بعض (الْأَحْكَام) الشَّرْعِيَّة، فَإِن هَذَا غير مَرْدُود بل هُوَ وَاقع ومقبول إِجْمَاعًا كَمَا قيل اخْتِلَاف الْعلمَاء رَحْمَة، وَكَون الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور فِي الْآيَة مُوجبا للرَّدّ لِأَنَّهُ ذكر فِي معرض الذَّم وَالنَّقْص اللَّائِق بمقام الْعباد، وَمَا كَانَ بِهَذِهِ المثابة فَهُوَ غير مَقْبُول (بل) الِاخْتِلَاف الْمُوجب للرَّدّ (التَّنَاقُض) فِي الْمَعْنى (والقصور) عَن البلاغة الَّتِي وَقع التحدي والإلزام بِأَن يكون الْقُرْآن بعض أخباره مناقضا للْبَعْض أَو مستلزما لنقيض الْبَعْض أَو يكون بعضه ركيكا من حَيْثُ تكون الْمَعْنى أَو النّظم أَو فصيحا لم يبلغ دَرَجَة الإعجاز فَإِن قلت كثيرا من الْكتب المصنفة لَا اخْتِلَاف فِيهِ قُلْنَا لَو سلم لَعَلَّ المُرَاد لُزُوم الِاخْتِلَاف لكتاب من عِنْد غير الله تَعَالَى مفترى بِهِ على الله عز وَجل ليتميز الْكَاذِب من الصَّادِق (وتبيانا لكل شَيْء) مَعْطُوف على قَوْله بِأَن: أَي واستدلالهم بقوله عز وَجل - {ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء} - (وَنَحْوه) كَقَوْلِه تَعَالَى - {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} - تَقْرِيره لَو أَخذ بعض الْأَحْكَام من الْقيَاس لما كَانَ كِتَابه تبيانا لكل شي، وَلما كَانَ كل الْأَحْكَام فِي الْكتاب الْمُبين، وَالْخَبَر مَحْذُوف بِقَرِينَة مَا سبق: أَي مَدْفُوع بِمَنْع إِرَادَة الْعُمُوم، إِذْ هُوَ (مَخْصُوص قطعا) فَلَا حَاجَة حِينَئِذٍ إِلَى التَّقْدِير، وَهُوَ: أَي كل شَيْء فِيهِ: أَي فِي الْكتاب الْمُبين، وَالْخَبَر محذف أَن أُرِيد تَفْصِيل كل شَيْء، إِذْ لَيْسَ كل الْأَشْيَاء مفصلة فِي الْقُرْآن، وَفِي بعض النّسخ وتبيانا لكل شَيْء وَنَحْوه مَخْصُوص فَلَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير (أَو هُوَ) أَي كل شَيْء (فِيهِ) أَي فِي الْكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>