للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَام الْمَشْرُوع فِي الْمَقْصُود مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ (فِي) بَيَان (الِانْتِقَال) من كَلَام إِلَى آخر فِي المناظرة من قبل أَن يسْتَند، وَيتم الْمُسْتَدلّ إِثْبَات الحكم: الأول هُوَ (إِمَّا من عِلّة إِلَى) عِلّة (أُخْرَى لإثباتها) أَي الْعلَّة الأولى الَّتِي هِيَ عِلّة الْقيَاس (أَو) من حكم (إِلَى حكم آخر يحْتَاج إِلَيْهِ) الْمُعَلل فِي إِثْبَات الْمُتَنَازع فِيهِ كَمَا سَيَجِيءُ يثبت هَذَا الْمُنْتَقل إِلَيْهِ (بِتِلْكَ الْعلَّة) الَّتِي هِيَ عِلّة الْقيَاس (أَو بِأُخْرَى) أَي بعلة أُخْرَى مَعْطُوف على تِلْكَ الْعلَّة فَالْحكم الْمُنْتَقل إِلَيْهِ تَارَة يثبت بعلة الْقيَاس وَتارَة بغَيْرهَا، وَهَذِه الثَّلَاثَة صَحِيحَة اتِّفَاقًا، فَالْأولى الِاشْتِغَال بِمَا تصدى لَهُ من ادِّعَاء علية الْعلَّة للْحكم الْأَصْلِيّ، وَهَذَا إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الممانعة، فَإِن السَّائِل قد منع من عليتها، وَأما الأخيران فَإِنَّمَا يتحققان عِنْد مُوَافقَة الْخصم فِي الحكم الأول وادعائه أَن النزاع فِي حكم آخر فَينْتَقل لإِثْبَات الحكم الْمُتَنَازع فِيهِ بِالْعِلَّةِ الأولى أَو بِأُخْرَى (أَو) من عِلّة (إِلَى) عِلّة (أُخْرَى لإِثْبَات الحكم الأول). قَالَ الشَّارِح: وَهَذَا إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي فَسَاد الْوَضع والمناقضة إِن لم يكن دفعهما بِبَيَان الملائمة والتأثير والطرد (وَاخْتلف فِي هَذَا) الرَّابِع (فَقيل يقبل لمحاجة الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام) نمروذ الْمشَار إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى - {ألم تَرَ إِلَى الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي ربه أَن آتَاهُ الله الْملك إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت قَالَ أَنا أحيي وأميت قَالَ إِبْرَاهِيم فَإِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر} - فانتقل عَلَيْهِ السَّلَام من حجَّة إِلَى أُخْرَى لإِثْبَات الحكم الأول، وَقد حكى الله تَعَالَى ذَلِك على سَبِيل التمدح فَهُوَ صَحِيح (وَدفع) هَذَا (بِأَن حجَّته) عَلَيْهِ السَّلَام الأولى (ملزمة) لَهُ: أَي مفحمة (ومعارضة اللعين) لَهُ الْمشَار إِلَيْهِ بقوله - {أَنا أحيي وأميت} - ثمَّ بَيَانه بإحضار شَخْصَيْنِ من السجْن وَجب قَتلهمَا أطلق أَحدهمَا وَقتل الآخر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (بترك التَّسَبُّب فِي إِزَالَة حَيَاة شخص وإزالتها قتلا) وَحَاصِله السَّبَب فِي إِزَالَتهَا (بَاطِلَة) يَعْنِي ظَاهِرَة الْبطلَان بِحَيْثُ لَا يحْتَاج إِلَى الرَّد (إِذْ المُرَاد) بِالْإِحْيَاءِ فِي حجَّة الْخَلِيل (إيجادها) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الْحَيَاة مَوْجُودَة فِي الْخَارِج (فِيمَا لَيست) الْحَيَاة (فِيهِ و) بالاماتة (ازالتها بِلَا مُبَاشرَة محسوسة) أَي بِنَزْع الرّوح بِغَيْر علاج محسوس (وحاضره) أَي مجْلِس اللعين (ضلال) قاصرون عَن التَّأَمُّل (يسْرع إِلَيْهِم إِلْزَام مَا لَا يلْزم) يَحْتَاجُونَ إِلَى قَاطع لإخفاء فِيهِ بِوَجْه (فانتقل إِلَى دَلِيل آخر) بعد تَمام الأول (لَا يحْتَمل) ذَلِك الآخر (التلبيس) والمغالطة، فَهُوَ انْتِقَال إِلَى دَلِيل أوضح (وَالْحق أَن لَا انْتِقَال) أصلا (فَإِن الأول) أَي قَوْله - {رَبِّي الَّذِي رَبِّي يحيي وَيُمِيت} - إِنَّمَا هُوَ (الدَّعْوَى) فَإِن المُرَاد بِهِ أَن رب الْعَالمين إِنَّمَا هُوَ الْقَادِر الْمُطلق الَّذِي لَا يعجز عَن شَيْء لظُهُور أَنه لم يره اخْتِصَاص ربوبيته بِنَفسِهِ وَلَا قدرته بِالْإِحْيَاءِ والإماتة فَقَط، وَالْمرَاد بالرسول الْمَعْهُود الْمَشْهُور بعلته، فَكَأَنَّهُ قَالَ الرب سُبْحَانَهُ هُوَ الله سُبْحَانَهُ لَا غير،

<<  <  ج: ص:  >  >>