للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا أنكر اللعين ذَلِك مثبتا لنَفسِهِ تِلْكَ الْقُدْرَة الْمُطلقَة أَرَادَ إِلْزَامه وإفحامه على وَجه لَا يبْقى لَهُ مجَال مجادلة فَقَالَ - {إِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق} - إِلَى آخِره، وَإِلَيْهِ أَشَارَ المُصَنّف بقوله (واستدلاله) أَي الْخَلِيل (لم يَقع إِلَّا بِمَعْنى الْإِلْزَام) أَي بِالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْإِلْزَام الْكَائِن (فِي قَوْله: (فَإِن الله يَأْتِي بالشمس إِلَى آخِره) وَعَن الإِمَام نجم الدّين النَّسَفِيّ أَن هَذَا لَيْسَ انتقالا من حجَّة أُخْرَى فِي المناظرة، لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ادّعى انْفِرَاد الله تَعَالَى بالربوبية وَاحْتج لذَلِك بِكَمَال الْقُدْرَة وَدلّ عَلَيْهِ بِالْإِحْيَاءِ والإماتة، فَلَمَّا أَرَادَ نمروذ التلبيس أظهر كَمَال الْقُدْرَة بِحَدِيث الشَّمْس، وَالدَّلِيل وَاحِد، والصورتان مُخْتَلِفَتَانِ انْتهى. وَكَأن المُصَنّف أَرَادَ بالاستدلال اللُّزُوم الَّذِي لَا يبْقى مَعَه مجَال مجادلة فَلذَلِك قصره على القَوْل الثَّانِي فَلَا يُنَافِي كَون الأول دَلِيلا أَيْضا مَعَ إِفَادَة أصل الْمُدَّعِي (وَالْكَلَام) الَّذِي نَحن فِيهِ (فِيمَا إِذا ظهر بطلَان) الدَّلِيل (الأول فانتقل) الْمُسْتَدلّ (إِلَى دَلِيل آخر فَإِنَّهُ) أَي انْتِقَاله حِينَئِذٍ (انْقِطَاع فِي عرفهم) أَي النظار (استحسنوه) أَي الحكم بالانقطاع الْمَمْنُوع عَنهُ فِي الِانْتِقَال الْمَذْكُور (كَيْلا يَخْلُو الْمجْلس) أَي مجْلِس المناظرة (عَن الْمَقْصُود) وَهُوَ أَن تَنْتَهِي الْمُخَاصمَة إِلَى أحد الْجَانِبَيْنِ، وَفَسرهُ الشَّارِح بِإِظْهَار الْحق وَلَا يخفى أَن هَذَا يَقْتَضِي أَن لَا يمْنَع من الِانْتِقَال ويبالغ فِي التَّحْقِيق كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور (فَفِي) مُقْتَضى (الْعقل لَهُ) أَي الْمُسْتَدلّ (أَن ينْتَقل) من الدَّلِيل الأول (إِلَى) دَلِيل (آخر، و) من الدَّلِيل الآخر إِلَى دَلِيل (آخر) وَهَكَذَا (إِذا لم يثبت مَا عينه) من الحكم بِمَا ذكر من الدَّلِيل (حَتَّى يعجزه عَن إثْبَاته وَلَو) كَانَ ذَلِك (فِي مجَالِس) كَمَا أَن للْمُدَّعِي فِي حُقُوق النَّاس الِانْتِقَال من بَيِّنَة إِلَى أُخْرَى، وَهُوَ مَقْبُول إِجْمَاعًا (فالانقطاع) للمعلل أَو السَّائِل إِنَّمَا يتَحَقَّق (بدليله) أَي الْعَجز عَن إِثْبَات الْمَطْلُوب أَو مَا هُوَ بصدده (سكُوت) بدل الْبَعْض من دَلِيل كَمَا أخبر الله تَعَالَى عَن اللعين بقوله - {فبهت الَّذِي كفر} - وَهُوَ أظهر أَنْوَاع الِانْقِطَاع (أَو إِنْكَار ضروى) أَي بديهي فَإِنَّهُ يدل على كَمَال عَجزه (أَو منع بعد تَسْلِيم) لَا يُقَال: يحْتَمل أَن يكون تَسْلِيمه لسهو أَو غَفلَة، فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يبين سَنَده وَيذكر أَنه سَهَا أَو غفل (تَسْلِيم) لما ادَّعَاهُ الْخصم خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي فالانقطاع (وَفِي) انْتِقَال الْمُعَلل (فِي معرض الِاسْتِدْلَال إِلَى مَا لَا يُنَاسب الْمَطْلُوب دفعا لظُهُور إفحامه) وعجزه عَن إِقَامَة الدَّلِيل (انْقِطَاع فَاحش) واضطراب بِحَيْثُ لَا يدْرِي مَا يَقُول (فَالْأول) أَي الِانْتِقَال من عِلّة إِلَى أُخْرَى لإِثْبَات الأولى مِثَاله (للحنفية فِي إِثْبَات أَن إِيدَاع الصَّبِي) غير الْمَأْذُون مَا لَيْسَ برقيق (تسليط) للصَّبِيّ على استهلاكه (عِنْد تَعْلِيله) أَي الْحَنَفِيّ (بِهِ) أَي بتسليطه عَلَيْهِ (لنفي ضَمَانه) أَي الصَّبِي إِذا أتْلفه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد، لِأَن الْإِتْلَاف مَعَ التسليط لَا يُوجب الضَّمَان كَمَا إِذا أَبَاحَ لَهُ طَعَاما فأتلفه

<<  <  ج: ص:  >  >>