للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعَدُّد مثلا من منع وجود الْعلَّة) أَي مِنْهُ (وَهُوَ أَحدهَا) أَي أحد الْخَمْسَة وَالْعِشْرين، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْمَنْع الْمَذْكُور جِنْسا فَبعد منع وجودهَا فِي قِيَاس وَاحِد مرّة لَا يُمكن منع وجودهَا ثَانِيًا فَلَا يتَصَوَّر التَّعَدُّد من هَذَا الْجِنْس، وَهَذَا إِنَّمَا يرد على الْقَائِل الْمَذْكُور إِذا حمل لفظ الْجِنْس فِي الْمحل على الْمَعْنى الَّذِي اخْتَارَهُ فَجعله خَمْسَة وَعشْرين، وَأما إِذا حمله على الْمَعْنى الَّذِي عبر عَنهُ بالنوع فَلَا يرد، غير أَن اخْتِيَاره على وَجه لَا يلائم كَلَام الْقَوْم خُرُوج عَن الجادة (و) أَيْضا (كَلَامهم) أَي الْأُصُولِيِّينَ (فِي) ذكر (الْمثل) أَي أَمْثِلَة الْمَذْكُورَات (وَذكر الْأَجْنَاس) للاعتراضات (خِلَافه) أَي خلاف مَا ذكره هَذَا الْقَائِل، بل الْمَنْع نوع مندرج تَحْتَهُ منع حكم الأَصْل وَمنع وجود الْوَصْف وَمنع عليته وَمنع وجودهَا فِي الْفَرْع وَغَيرهَا، والمعارضة نوع ينْدَرج فِيهَا الْمُعَارضَة فِي الأَصْل وَفِي الْفَرْع وَغَيرهمَا وكل وَاحِد من أَقسَام الْمَنْع والمعارضة جنس وَاحِد إِذْ الْفَرْض أَن الْجِنْس هُوَ النَّوْع المنطقي بِهَذَا الِاصْطِلَاح فالنقد جنس انحصر فِيهِ نَوعه كَمَا نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه يرد عَلَيْهِم حِينَئِذٍ مَا أوردهُ على الْقَائِل الْمَذْكُور فَالصَّوَاب أَن يكون ذكرا للْجِنْس على وَجه لَا يكون كل وَاحِد من الْخَمْسَة وَالْعِشْرين جِنْسا حَتَّى يتَحَقَّق الْخلاف، ثمَّ أَخذ يبين التَّرْتِيب الطبيعي بقوله (فَتقدم الْمُتَعَلّق بِالْأَصْلِ) من الِاعْتِرَاض فَيقدم منع حكم الأَصْل لِأَنَّهُ نظر فِيهِ تَفْصِيلًا، كَذَا ذكره الشَّارِح، وَالْوَجْه أَن يُقَال الْمَنْع طلب الدَّلِيل من الْمُسْتَدلّ وَهُوَ الَّذِي يتَبَادَر إِلَيْهِ الذِّهْن، بِخِلَاف إِقَامَة الدَّلِيل على خِلَافه (ثمَّ) الْمُتَعَلّق (بِالْعِلَّةِ) لِأَنَّهُ نظر فِيمَا هُوَ متفرع عَن حكم الأَصْل فَتقدم منع وجود الْعلَّة فِي الأَصْل ثمَّ الْمُطَالبَة بتأهيرها إِلَى غير ذَلِك (ثمَّ) الْمُتَعَلّق (بالفرع) لابتنائه على الْعلَّة (وَتقدم النَّقْض على مُعَارضَة الأَصْل عِنْد معتبرها) أَي مُعَارضَة الأَصْل، وَقد مر بَيَانه (إِذْ هِيَ) أَي مُعَارضَة الأَصْل (لإبطال استقلالها) أَي الْعلَّة بالتأثير والنقض لإبطال أَصْلهَا (وَمنع وجود الْعلَّة فِي الأَصْل قبل منعهَا) أَي قبل منع عليتها (وَالْقلب قبل الْمُعَارضَة الْخَالِصَة) وَقد مر تَفْسِيرهَا (لِأَنَّهُ) أَي الْقلب (مُعَارضَة بِدَلِيل الْمُسْتَدلّ) بِخِلَاف الْخَالِصَة فَتذكر الْقلب أَولا (ثمَّ يُقَال وَلَو سلم أَنه) أَي دَلِيل الْمُسْتَدلّ (يُفِيد مَطْلُوبه عندنَا دَلِيل آخر يَنْفِيه) أَي مَطْلُوبه ثمَّ الجدل بِالْحَقِّ مَأْمُور بِهِ. قَالَ تَعَالَى - {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} - وَفعله الصَّحَابَة وَالسَّلَف لما يلْزم من إِنْكَار الْبَاطِل واستنقاذ الْهَالِك عَن ضلاله فَيشْتَرط أَن يكون الْمَقْصُود مِنْهُ إِظْهَار الصَّوَاب. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي قَوْله تَعَالَى - {وَإِن جادلوك فَقل الله أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ} - هَذَا أدب حسن علمه الله تَعَالَى ليردوا بِهِ من جادل تعنتا وَلَا يُجِيبُوهُ، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا " مَا ضل قوم بعد هدي كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجدل، ثمَّ تَلا - {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلا} - " صَححهُ التِّرْمِذِيّ، وَعنهُ مَرْفُوعا " من ترك المُرَاد وَهُوَ مُبْطل بني لَهُ بَيت

<<  <  ج: ص:  >  >>