للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُخَصص الْعَام، وَالْمرَاد من الْمُشْتَرك وباقيها) أَي وَبَاقِي الْأَقْسَام الَّتِي فِي دلالتها خَفَاء من الْمُجْمل وأخواته: أما الْبَحْث عَن مُخَصص الْعَام فَلِأَن احْتِمَال التَّخْصِيص غير التَّخْصِيص بعيد، وَلذَا قيل: مَا من عَام إِلَّا وَخص مِنْهُ الْبَعْض وَأما الْبَحْث عَن المُرَاد من الْمُشْتَرك فَلَا بُد مِنْهُ وَهُوَ ظَاهر، وكل ذَلِك ظَاهر عِنْده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحْتَاج إِلَى نظر وفكر (و) فِي (التَّرْجِيح) لأحد الدَّلِيلَيْنِ (عِنْد التَّعَارُض) بَينهمَا (لعدم علم الْمُتَأَخر) مِنْهُمَا، يَعْنِي لَا بُد من الْمُتَأَخر فِي نفس الْأَمر غير أَنه لَيْسَ بِمَعْلُوم عِنْد الْمُجْتَهد، وَلَا يتَصَوَّر عدم الْعلم بالمتأخر فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، (فَإِن أقرّ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده عِنْد خوف فَوت الْحَادِثَة (أوجب) إِقْرَاره عَلَيْهِ (الْقطع بِصِحَّتِهِ) أَي بِصِحَّة مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده لِأَنَّهُ لَا يقر على الْخَطَأ (فَلم تجز مُخَالفَته) أَي مَا أقرّ عَلَيْهِ (بِخِلَاف غَيره من الْمُجْتَهدين) فَإِنَّهُ تجوز مُخَالفَته إِلَى اجْتِهَاد آخر لاحْتِمَال الْخَطَأ والقرار عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَي اجْتِهَاده الْمقر عَلَيْهِ (وَحي بَاطِن) على مَا عَلَيْهِ فَخر الْإِسْلَام وَغَيره، وَسَماهُ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ بِمَا يشبه الْوَحْي (وَالْوَحي عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة أَرْبَعَة: (بَاطِن) وَهُوَ (هَذَا، وَظَاهر) وَهُوَ (ثَلَاثَة: مَا يسمعهُ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من الْملك شفاها) من شافهه: أَي أدنى شفته من شفته، وَالْمرَاد سَمَاعه من الْملك بِغَيْر وسط مَعَ علمه بِأَنَّهُ ملك، وَالْمرَاد بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لقَوْله تَعَالَى - {قل نزله روح الْقُدس} - مَعَ قَوْله تَعَالَى - {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} - (أَو) مَا (يُشِير إِلَيْهِ) الْملك، فَقَوله يُشِير مَعْطُوف على يسمع (إِشَارَة مفهمة) للمراد من غير بَيَان بالْكلَام (وَهُوَ) أَي هَذَا الْقسم من الْوَحْي (المُرَاد بقوله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن روح الْقُدس نفث فِي ورعى أَن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستوفى رزقها، الحَدِيث) فِي الْقَامُوس: النفث كالنفخ، وَأَقل من التفل، وَالْمرَاد إِلْقَاء معنى فِي الْقلب كالنفخ، وَأَقل من التفل، والروع بِالضَّمِّ: الْقلب، أَو مَوضِع الْفَزع مِنْهُ (أَو) مَا (يلهمه، وَهُوَ) أَي الإلهام (إِلْقَاء معنى فِي الْقلب بِلَا وَاسِطَة عبارَة الْملك وإشارته مقرون) بِالرَّفْع على أَنه صفة لإلقاء، أَو بِالْجَرِّ على أَنه صفة لِمَعْنى (بِخلق علم ضَرُورِيّ أَنه) أَي ذَلِك الْمَعْنى (مِنْهُ تَعَالَى) وَأَن مَعَ اسْمه وَخَبره مُتَعَلق الْعلم الضَّرُورِيّ: أَي إِلْقَاء الْمَعْنى على الْوَجْه الْمَذْكُور (وَجعله حَيا ظَاهرا) مَعَ خفائه (إِذْ فِي) الْوَحْي الظَّاهِر الَّذِي يسمعهُ من (الْملك) شفاها (لَا بُد من خلق) الْعلم (الضَّرُورِيّ أَنه) أَي الَّذِي جَاءَ بِالْوَحْي (هُوَ) أَي الْملك، فشاركه فِيمَا هُوَ مدَار الْأَمر، وَإِن خَالفه بِعَدَمِ المشافهة فَهُوَ جدير بِأَن يلْحق بِهِ فِي الظُّهُور (وَلذَا) أَي وَلكَون إلهامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحيا ظَاهرا (كَانَ حجَّة قَطْعِيَّة عَلَيْهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وعَلى غَيره) كَمَا أَن الشفاهي والإشاري حجَّة عَلَيْهِمَا (بِخِلَاف إلهام غَيره) من الْمُسلمين فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَحْي. وَقَالَ الشَّارِح

<<  <  ج: ص:  >  >>