للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَان المخل) بمقصود الْبعْثَة (مَا) أَي الشَّك (فِي) نفس (الرسَالَة) وَالشَّكّ فِي قَوْله الَّذِي صدر عَن الِاجْتِهَاد لَا يسْتَلْزم الشَّك فِيهَا (و) أُجِيب (عَمَّا قبله) أَي قبل هَذَا الَّذِي أجبنا عَنهُ (بِمَنْع بُطْلَانه) أَي الثَّانِي، وَهُوَ جَوَاز الْأَمر بِاتِّبَاع الْخَطَأ بِمَعْنى جَائِز الْخَطَأ، كَيفَ والمجتهد وَمن يقلده مأمورون بِاتِّبَاع مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد إِجْمَاعًا وَهُوَ جَائِز الْخَطَأ عندنَا. ثمَّ ذكر سَنَد الْمَنْع بقوله (على أَن الْأَمر باتباعه) أَي الِاجْتِهَاد (من حَيْثُ هُوَ) أَي الحكم الاجتهادي (صَوَاب فِي نظر الْعَالم) الْمُجْتَهد، لَا من حَيْثُ أَنه خطأ (وَإِن خَالف) ذَلِك الحكم (نفس الْأَمر) وَهُوَ حكم الله تَعَالَى الْمعِين فِي تِلْكَ الْحَادِثَة (و) أُجِيب (عَن الأول) وَهُوَ أَنه أولى بالعصمة من الْإِجْمَاع (بِأَن اخْتِصَاصه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي لَا بُد لَهُ مِنْهُ حَاصِل (برتبة النُّبُوَّة) وَلَا يخل بِكَمَالِهِ أَن يخْتَص أمته بشرف متابعتهم إِيَّاه برتبة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَإِن رُتْبَة الْعِصْمَة للْأمة) الْحَاصِلَة لَهُم (لاتباعهم) إِيَّاه (لَا يقتضى) بِاعْتِبَار حُصُولهَا لَهُم (لُزُوم هَذِه الرُّتْبَة) لَهُم فِي ذكر اللُّزُوم إِشَارَة إِلَى أَن أصل الْعِصْمَة حَاصِل فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن لم يكن على وَجه اللُّزُوم. وَلَا شكّ أَن شرف لُزُومهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأمة بِسَبَب الِاتِّبَاع رَاجع إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِن لم تكن لَازِمَة (لَهُ) لحكمة تَقْتَضِيه لَا ينقص من كَمَاله شَيْئا (كَالْإِمَامِ) يُرِيد الْإِمَامَة الْكُبْرَى (لَا يلْزم لَهُ رُتْبَة الْقَضَاء) وَإِن كَانَت مستفادة مِنْهُ ثمَّ لَا يعود ذَلِك عَلَيْهِ بِنَقص وانحطاط: وَلَا يخفى أَنه لَو كَانَ رُتْبَة الْقَضَاء لَهُ مَخْصُوصَة بِغَيْر الإِمَام كَانَ التنظير على الْوَجْه الْأَكْمَل، لكنه قصد أَنه كَمَا لَا ينقص كَمَال الْمَتْبُوع بمساواة التَّابِع إِيَّاه فِي حكم حصل لَهُ بتبعيته إِيَّاه كَذَلِك لَا ينقص اخْتِصَاص التَّابِع بِحكم حصل لَهُ بِسَبَب التّبعِيَّة، ثمَّ أَشَارَ إِلَى جَوَاب آخر بقوله (وَتقدم مَا يَدْفَعهُ) أَي الِاسْتِدْلَال الأول من قَوْله فقد اقْتَضَت رتبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة سُقُوط مَا على غَيره إِلَى قَوْله والشأن فِي تحقق خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى فِي حَقه، فَمن قَالَ أَن المُرَاد بِمَا يَدْفَعهُ مَا ذكر من أَنه لَا مُنَافَاة بَين مرتبَة النُّبُوَّة ودرجة الِاجْتِهَاد جعل مرجع ضمير يَدْفَعهُ الْجَواب لَا الِاسْتِدْلَال، وَلَزِمَه كَون ذَلِك الدّفع مرضيا للْمُصَنف وَهُوَ ضَعِيف، لِأَنَّهُ لَا يدْفع الْمَنْع الْمَذْكُور فَتدبر، وَلَا يبعد أَن يُقَال فِي تَحْقِيق خُصُوصِيَّة الْمُقْتَضى أَن فِي جَوَاز الْخَطَأ فِي اجْتِهَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِشَارَة إِلَى أَن فكر الْبشر وَإِن كَانَ فِي أَعلَى الدَّرَجَات يحْتَمل الْخَطَأ، بِخِلَاف الْوَحْي وَالله تَعَالَى أعلم (وَأَيْضًا) إِن كَانَ أَدِلَّة الْفَرِيقَيْنِ مُوجبا للشغب (فالوقوع) أَي وُقُوع الْخَطَأ فِي اجْتِهَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يقطع الشغب) بِالسُّكُونِ: أَي النزاع فِي الْجَوَاز كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور مِنْهُم الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب (وَدَلِيله) أَي الْوُقُوع قَوْله تَعَالَى {عَفا الله عَنْك} الْآيَة، وَقَوله تَعَالَى {مَا كَانَ لنَبِيّ} أَن تكون لَهُ أسرى (حَتَّى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب مَا نجا مِنْهُ إِلَّا عمر) رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي

<<  <  ج: ص:  >  >>