للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَوْجُودَة فِي الْأَنْفس والآفاق المنادية بِلِسَان الْحَال أَن الطَّرِيق هَكَذَا لَا يتَغَيَّر لظاهره كَالشَّمْسِ فِيمَا يتَعَلَّق بِالْعقلِ، وَالْخَبَر كالمتواتر فِيمَا يتَعَلَّق بِالسَّمْعِ (لَزِمَهَا) جَوَاب لَو: أَي لزم الْمَطْلُوب الْمَذْكُور الْموَاد الْمَذْكُورَة على تَقْدِير النّظر (قطعا) فَكيف يكون ممتثلا الْأَمر بِالِاجْتِهَادِ وَلم يفتح بَصَره إِلَى تِلْكَ الْموَاد: إِذْ لَو فتح لرآها لكَمَال ظُهُورهَا (فَإِذا لم يثبت) الْمَطْلُوب عِنْد الْمَأْمُور بِالِاجْتِهَادِ (علم أَنه) أَي عدم ثُبُوته عِنْده (لعدم) تحقق (الشُّرُوط) الْمُعْتَبرَة فِي النّظر، وَلَيْسَ عدم تحققها لكَمَال غموضها وَعجز الْمُكَلف عَن الْوُصُول إِلَيْهَا، بل (بالتقصير) وَعدم الِالْتِفَات إِلَى مَا يرشده إِلَى الْمَطْلُوب لانهماكه فِي مطمورة تَقْلِيد الْآبَاء، وَهُوَ بمعزل عَن دَائِرَة الِاجْتِهَاد، وَأَنا أضْرب لَك (مثلا) فِي هَذَا فَأَقُول (من بلغه بأقصى فَارس) الْبَاء بِمَعْنى فِي وَهُوَ ظرف للبلوغ (ظُهُور مدعي نبوة) فَاعل بلغ (ادّعى نسخ شريعتكم) قَوْله ادّعى صفة لمُدعِي النُّبُوَّة وخطاب شريعتكم إِنَّمَا هُوَ فِي كَلَام الْمبلغ ذكر على سَبِيل الْحِكَايَة (لزمَه) أَي الَّذِي بلغه فِي أقْصَى فَارس (السّفر) أَن يُسَافر (إِلَى مَحل ظُهُور دَعوته) كبلاد الْعَرَب (لينْظر أتواتر وجوده ودعواه) فَإِن أَخْبَار الْآحَاد لَا تفِيد الْقطع (ثمَّ أتواتر من) أَخْبَار (صِفَاته وأحواله مَا يُوجب الْعلم بنبوته، فَإِذا اجْتهد) اجْتِهَادًا (جَامعا للشروط قَطعنَا من) مُقْتَضى (الْعَادة أَنه يلْزمه) أَي الْمُجْتَهد الْجَامِع لَهَا (علمه بِهِ) أَي الْمَطْلُوب (لفرض وضوح الْأَدِلَّة) وضوحا لَا يخفى على من لَهُ أدنى مرتبَة من الِاجْتِهَاد (وَلَو اجْتهد) من بلغه مَا ذكر (فِي مَكَانَهُ فَلم يجْزم بِهِ) أَي بِمَا أخبر عَنهُ (لَا يعْذر لِأَنَّهُ) أَي اجْتِهَاده (فِي غير مَحَله) أَي ظُهُور دَعوته (وَالْحَاصِل أَنه كلف بِالنّظرِ الصَّحِيح) المستجمع شُرُوطه (وَلم يَفْعَله) أَي مَا كلف بِهِ من النّظر الصَّحِيح. (وَأما الْجَواب) عَن حجتهم (بِمَنْع كَون نقيض اعْتِقَادهم) أَي معتقدهم الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجتهادهم (غير مَقْدُور إِذْ ذَاك) تَعْلِيل للْمَنْع: أَي الَّذِي لَا يجوز التَّكْلِيف بِهِ لكَونه غير مَقْدُور لِأَنَّهُ هُوَ (الْمُمْتَنع عَادَة) أَي امتناعا عاديا (كالطيران وَحمل الْجَبَل) وَمَا نَحن فِيهِ لَيْسَ مِنْهُ (وَمَا ذكرُوا من الِامْتِنَاع) فَهُوَ مَعْطُوف على مَدْخُول الْبَاء: أَي وَأما الْجَواب بِمَا ذكر من الِامْتِنَاع فِي تكليفهم بنقيض مجتهدهم (بِشَرْط وصف الْمَوْضُوع) خبر الْمَوْصُول، يَعْنِي أَن الِامْتِنَاع الَّذِي ادعيتموه إِنَّمَا يَصح إِذا أخذت الْقَضِيَّة الْمَذْكُورَة فِي الدَّلِيل مَشْرُوطَة بِشَرْط الْوَصْف العنواني، تَقْرِيره (هَكَذَا مُعْتَقد) بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل (ذَلِك الْكفْر) الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (يمْتَنع اعْتِقَاده غَيره) أَي غير معتقده (مَا دَامَ) ذَلِك المعتقد (معتقده والمكلف بِهِ) أَي الَّذِي كلف بِهِ الْكَافِر الْمُجْتَهد إِنَّمَا هُوَ (الْإِسْلَام) مُطلقًا، لَا الْإِسْلَام عِنْد وجود معتقده حَتَّى يمْنَع تَكْلِيفه وَالْحَاصِل أَن الْمُمْتَنع اعْتِقَاد النقيض مَعَ وجود اعْتِقَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>