للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي مَحل الظَّن (حكمه) تَعَالَى (أَي خطابه) الْمَطْلُوب بِالِاجْتِهَادِ (وَالْعلم) مَعْطُوف على الظَّن (وَهُوَ) أَي مَحل الْعلم (حُرْمَة مُخَالفَته) أَي المظنون (بِشَرْط بَقَاء ظَنّه) أَي الحكم أَو الْمُجْتَهد (فَهُنَا) أَي فِي المسئلة الاجتهادية (خطابان): أَحدهمَا الْخطاب (الثَّابِت فِي نفس الْأَمر) قبل الِاجْتِهَاد الْمُؤَدِّي إِلَى الظَّن لما عرفت. من أَن لله تَعَالَى فِي كل حَادِثَة حكما معينا وخطابا مُتَعَلقا بِفعل العَبْد (وَهُوَ) أَي الثَّابِت فِي نفس الْأَمر (المظنون) أَي الَّذِي بذل الْمُجْتَهد وَسعه فِي تَحْصِيله فَظن أَنه كَذَا لما أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده. لَا يُقَال مَا أدّى إِلَيْهِ تَارَة يكون على خلاف الثَّابِت فِي نفس الْأَمر، فَكيف يحكم بِأَن الثَّابِت هُوَ المظنون؟. لأَنا نقُول: لَيْسَ المُرَاد بالمظنون الحكم الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده، بل الثَّابِت الَّذِي ظن مُطَابقَة مَا أدّى إِلَيْهِ إِيَّاه. (و) ثَانِيهمَا (تَحْرِيم تَركه) أَي المظنون الَّذِي أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد (ويلازمه) أَي تَحْرِيم التّرْك (إِيجَاب الْفَتْوَى بِهِ) أَي بالمظنون (وهما) أَي كل وَاحِد من تَحْرِيم التّرْك وَإِيجَاب الْفَتْوَى (مُتَعَلقَة) بِكَسْر اللَّام: أَي مُتَعَلق المظنون الَّذِي أدّى الِاجْتِهَاد إِلَيْهِ (الْمَعْلُوم) صفة مُتَعَلقَة، وَفَائِدَته الْإِشْعَار بِأَن كلا مِنْهُمَا حكم مَعْلُوم بِعَيْنِه قطعا، بِخِلَاف الثَّابِت فَإِنَّهُ لم يتَعَلَّق بِهِ الْعلم وَأَن تعلق بِهِ الظَّن (بِخِلَاف) قَول (المصوبة) فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الخطابان على مَا ذكرنَا (فَإِن الحكم فِي نفس الْأَمر) عِنْدهم (لَيْسَ إِلَّا مَا تأدى) الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ) لأَنهم لم يثبتوا حكما قبل الِاجْتِهَاد فَلَا يُمكنهُم أَن يَقُولُوا فِي دفع التَّنَاقُض مُتَعَلق الظَّن الحكم الثَّابِت فِي نفس الْأَمر، ومتعلق الْعلم غَيره (فَإِن قَالُوا) أَي المصوبة (نقُول مُتَعَلق الظَّن) كَونه) أَي كَون مَا أدّى إِلَيْهِ الظَّن من الأمارة الْمَخْصُوصَة (دَلِيلا) على الحكم المظنون (و) مُتَعَلق (الْعلم ثُبُوت مَدْلُوله شرعا بذلك الشَّرْط) يَعْنِي بَقَاء الظَّن (فَإِذا زَالَ) الشَّرْط (رَجَعَ) الْمُجْتَهد عَنهُ فَانْدفع عَنْهُم التَّنَاقُض وَلُزُوم عدم إِمْكَان رُجُوع الْمُجْتَهد عَمَّا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده بِمُوجب الْقطع لِأَن مُتَعَلق الْعلم الثُّبُوت المغيا بِتِلْكَ الْغَايَة. (أُجِيب بِأَن كَونه) أَي الدَّلِيل (دَلِيلا) أَيْضا (حكم شَرْعِي) يتَفَرَّع عَلَيْهِ أَحْكَام شَرْعِيَّة (وَإِن كَانَ غير عَمَلي فَإِذا ظَنّه) أَي إِذا ظن الْمُجْتَهد كَونه دَلِيلا (علمه) أَي علم أَنه دَلِيل (وَيتم إِلْزَامه اجْتِمَاع النقيضين) لِاتِّحَاد مُتَعَلق الظَّن وَالْعلم. وَلما أجَاب عَن الجوابين من أجوبة المصوبة أَرَادَ أَن يذكر مَا هُوَ الْعدة فِي الْجَواب من قبلهم، فَقَالَ: (وَالْجَوَاب أَن اللَّازِم) من التصويب (ثُبُوت الْعلم بالحكم مَا لم يثبت الرُّجُوع) أَي رُجُوع الْمُجْتَهد عَمَّا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (وَهُوَ) أَي ثُبُوت الرُّجُوع عَنهُ (انْفِسَاخ هَذَا الحكم) المرجوع عَنهُ (بِظُهُور المرجوع) إِلَيْهِ فَإِن قلت هَذَا نسخ بعد انْقِطَاع الْوَحْي قلت ظُهُوره بعد الِانْقِطَاع لَا أَصله، فَإِن أَصله حكم الله تَعَالَى قبل الِانْقِطَاع على الْمُجْتَهد بِأَنَّهُ إِذا ظهر لَك خلاف مَا أدّى إِلَيْهِ اجتهادك فَارْجِع عَنهُ إِلَيْهِ (لَا) ظُهُور (خطئه) أَي الحكم الأول (وبطلانه عِنْدهم) أَي المصوبة ثمَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>