للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما كَانَ هُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه كَيفَ يثبت الْعلم بالحكم مَعَ تَجْوِيز زَوَال مُوجبه؟ وَهُوَ الظَّن، وَزَوَال الْمُوجب يسْتَلْزم زَوَال الْمُوجب أجَاب عَنهُ بقوله (وتجويز انْقِضَاء مُدَّة الحكم بعد هَذَا الْوَقْت) أَي مُدَّة عدم ثُبُوت الرُّجُوع (لَا يقْدَح فِي الْقطع بِهِ) أَي بالحكم وَكَونه وَاجِب الْعَمَل مَا لم يثبت الرُّجُوع (حَال هَذَا التجويز) ظرف للْقطع بِهِ، ذكر تَأْكِيد الْعَدَم التَّنَافِي بَين الْقطع والتجويز، وَذَلِكَ لِأَن زمَان مُتَعَلق التجويز غير زمَان مُتَعَلق الْعلم (فَبَطل الدَّلِيل) الْمَذْكُور للمخطئة مندفعا (عَنْهُم) أَي المصوبة فَإِن قلت الدَّلِيل الْمَذْكُور يتَضَمَّن الْمَحْظُورَات الثَّلَاث كَمَا عرفت لُزُوم بَقَاء الظَّن، وَقد انْدفع بقييد زمَان الْقطع فَإِنَّهُ كَانَ مَبْنِيا على إِطْلَاقه بِحَيْثُ يسْتَغْرق الْأَزْمِنَة، واستمرار الْقطع المزيل للظن واندفاعه ظَاهر، لَكِن بَقِي دفع التَّنَاقُض قلت كَأَنَّهُ تَركه لظُهُوره وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ القَاضِي عضد الدّين بقوله: فَإِنَّهُ يسْتَمر الظَّن ريثما يحصل بِهِ الْقطع، فَإِذا حصل زَالَ الظَّن ضَرُورَة وَحكم الْقطع هُوَ اتِّبَاعه وَهُوَ بِهِ أَجْدَر من الظَّن. لَا يُقَال بِمُجَرَّد حُصُول الظَّن تعلق الْخطاب الْمُوجب للْعلم فاتحدا زَمَانا. لأَنا نقُول غَايَة الْأَمر مُقَارنَة الظَّن مَعَ تعلق الْخطاب، وَهُوَ لَا يسْتَلْزم مقارنته مَعَ الْعلم (وَبِهَذَا) الْجَواب (ينْدَفع) عَن المصوبة الدَّلِيل (الْقَائِل) وصف الدَّلِيل بالْقَوْل مجَازًا، ومقول القَوْل (لَو كَانَ) الظَّن مُوجبا للْعلم (امْتنع الرُّجُوع) عَن المظنون (لاستلزامه) أَي الرُّجُوع (ظن النقيض) أَي نقيض المظنون الَّذِي تعلق بِهِ الْعلم (وَالْعلم يَنْفِي احْتِمَاله) أَي احْتِمَال نقيض مُتَعَلّقه، وَإِن كَانَ مرجوحا فضلا عَن الظَّن، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هَذَا فِيمَا إِذا كَانَ الرُّجُوع عَن المظنون الأول إِلَى مظنون آخر، أما إِذا كَانَ عَنهُ إِلَى الشَّك فَيُقَال حِينَئِذٍ لاستلزامه احْتِمَال النقيض وَالْعلم يَنْفِيه (فَلم يكن الْعلم حِين كَانَ) أَي تحقق بزعمكم أَيهَا المصوبة (علما) لم يكن وَجه الاندفاع ظَاهر عِنْد تَقْيِيد ثُبُوت الْعلم بِمَا إِذا لم يثبت الرُّجُوع (أَو لَو كَانَ) الظَّن مُوجبا للْعلم مَعْطُوف على مقول القَوْل (جَازَ ظَنّه) أَي الْمُتَعَلّق بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده ثَانِيًا (مَعَ تذكر مُوجب الْعلم، وَهُوَ) أَي مُوجب الْعلم (الظَّن الأول لجَوَاز الرُّجُوع) تَعْلِيل لجَوَاز تعلق ظَنّه ثَانِيًا، بِخِلَاف مظنونه الأول فَيلْزم تخلف الْمُوجب عَن الْمُوجب مَعَ تذكره من غير ذُهُول، وَفِيه أَن تذكره عبارَة عَن تصَوره الْمُوجب إِنَّمَا هُوَ الادعاء وَقد زَالَ (أَو لَو كَانَ) ظن الحكم مُوجبا للْعلم (امْتنع ظَنّه) بِخِلَاف المظنون الأول (مَعَ تذكر الظَّن) الأول (لِامْتِنَاع ظن نقيض مَا علم مَعَ تذكر الْمُوجب) للْعلم (وَإِلَّا) أَي إِن لم يمْتَنع ظن نقيض مَا علم مَعَ تذكر الْمُوجب (لم يكن) ذَلِك الْمُوجب (مُوجبا) وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض (لكنه) أَي الظَّن (جَائِز) بِخِلَاف المظنون الأول إِجْمَاعًا (بِالرُّجُوعِ) أَي بِأَن يرجع عَن الظَّن الأول إِلَى خِلَافه (وَقد لَا يَكْتَفِي بِدَعْوَى ضَرُورِيَّة البهت) الْمَأْخُوذَة فِي دَلِيل المخطئة (فتجعل) الْأَوْجه الثَّلَاثَة المفادة بقوله لَو كَانَ امْتنع الرُّجُوع

<<  <  ج: ص:  >  >>