للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلم يثبت) الدَّلِيل وَالْأَصْل عَدمه (فَلَا يثبت) الْجَوَاز (وَدفع) هَذَا من قبل المجوزين (بِأَنَّهُ) أَي الْجَوَاز مرجعه (الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة) بِمَعْنى عدم ترَتّب الْعقَاب على التَّقْلِيد وَهِي لَيست بِحكم شَرْعِي، فَلَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل شَرْعِي (بِخِلَاف تحريمكم) أَيهَا المانعون (فَهُوَ) أَي تحريمكم (المفتقر) إِلَى الدَّلِيل وَلم يثبت فَلَا يثبت (وَأما) الدّفع عَن الْأَكْثَر (بِأَن الِاجْتِهَاد أصل) فِي الْأَحْكَام الاجتهادية كَالْوضُوءِ فِي بَاب الطَّهَارَة (والتقليد بدل) مِنْهُ كالتيمم فِيهِ، وَلَا يُصَار إِلَى الْبَدَل مَعَ إِمْكَان الْمُبدل (فَيتَوَقَّف) التَّقْلِيد (على عَدمه) أَي عدم إِمْكَان الِاجْتِهَاد، كَمَا أَنه لَا يجوز التَّيَمُّم مَعَ الْقُدْرَة على المَاء (فَمنع) جَوَاب أما: أَي منع كَونه بَدَلا من الِاجْتِهَاد (بل كل) من الِاجْتِهَاد والتقليد (أصل) بِمَعْنى أَن الْمُكَلف مُخَيّر بَينهمَا كَمَا فِي مسح الْخُف وَغسل الرجلَيْن، فَلَا يتَوَقَّف التَّقْلِيد على عدم الِاجْتِهَاد (فَإِن تمّ إِثْبَات الْبَدَلِيَّة بِعُمُوم) قَوْله تَعَالَى {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} - فَإِنَّهُ يعم الْمُجْتَهد والعامي، وَترك الْعَمَل بِهِ فِي حق الْعَاميّ لعَجزه فَبَقيَ مَعْمُولا بِهِ فِي حق الْمُجْتَهد، وَالِاعْتِبَار رد الشَّيْء إِلَى نَظِيره، وَهُوَ يرجع إِلَى الِاجْتِهَاد (تمّ) الدّفع الْمَذْكُور، وَفِي كلمة إِن إِشَارَة إِلَى الْمَنْع للتمام: وَذَلِكَ بِاعْتِبَار أَنه يجوز أَن يُرَاد بِالِاعْتِبَارِ معنى آخر لألفاظ، وَيجوز أَن يخص بِمَا إِذا لم يتَعَذَّر عَلَيْهِ وَجه الرَّد كَمَا هُوَ قَول ابْن سُرَيج إِلَى غير ذَلِك (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يتم بِهَذَا (لَا) يتم الدّفع الْمَذْكُور لعدم دَلِيل آخر على الْبَدَلِيَّة، وَالْأَصْل الْعَدَم. (وَاسْتدلَّ) للْأَكْثَر بِأَنَّهُ (لَا يجوز) التَّقْلِيد (بعده) أَي الِاجْتِهَاد اتِّفَاقًا (فَكَذَا) لَا يجوز (قبله لوُجُود الْجَامِع) بَين الْمَنْع بعد الِاجْتِهَاد وَالْمَنْع قبله (وَهُوَ) أَي الْجَامِع (كَونه) أَي الْمُقَلّد (مُجْتَهدا أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي الْوَصْف المشير للْحكم (فِي الأَصْل) أَي التَّقْلِيد بعد الِاجْتِهَاد (إِعْمَال الْأَرْجَح) أَي وجوب اتِّبَاع مَا هُوَ الْأَرْجَح من حَيْثُ كَونه حكم الله تَعَالَى فِي نظره (وَهُوَ) أَي الْأَرْجَح (ظن نَفسه) الَّذِي أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فَإِنَّهُ أرجح عِنْد من ظن غَيره من الْمُجْتَهدين، وَهَذِه الْعلَّة، مفقودة فِي الْفَرْع وَهُوَ ظَاهر. احْتج (الشَّافِعِي) بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ) بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ " فَإِنَّهُ خطاب عَام يعم الْمُجْتَهد والعامي، وَلَا يمْنَع الشَّخْص من الاهتداء (وَيبعد) الِاحْتِجَاج بِهِ (مِنْهُ) أَي الشَّافِعِي (لِأَنَّهُ لم يثبت) حَيْثُ تقدم جَوَابه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَلَو ثَبت تقدم جَوَابه) حَيْثُ قَالَ أُجِيب بِأَنَّهُ هدي من وَجه انْتهى، وَلَيْسَ بِهَدي من كل وَجه حَتَّى لَا يمْنَع مِنْهُ فَإِن كَونه هدى من وَجه لَا يُنَافِي كَونه خطأ. فَإِن قلت: احْتِمَال الْخَطَأ مُشْتَرك بَين ظن الصَّحَابِيّ وظنه، لَكِن ظن الصَّحَابِيّ أبعد عَن الْخَطَأ قلت هَذَا بِحَسب نفس الْأَمر، وَأما بِحَسب مَا عِنْده فَالْأَمْر بِالْعَكْسِ، وَالْإِنْسَان مَأْمُور بِاتِّبَاع مَا هُوَ الْأَظْهر عِنْده وَاعْترض على المُصَنّف من لم يفهم كَلَامه بِأَنَّهُ لَا يُفِيد منع

<<  <  ج: ص:  >  >>