إِذْ الْمَأْمُور بِهِ أَخذ صَدَقَة مَا، وَقد تحقق فِي ضمن تِلْكَ الْوَاحِدَة (وهم) أَي الْأَكْثَر (يمنعونه) أَي صدق ذَلِك (لِأَنَّهُ) أَي لفظ أَمْوَال (جمع مُضَاف، فَالْمَعْنى) خُذ (من كل مَال) صَدَقَة (فَيعم) الْمَأْخُوذ (بِعُمُومِهِ) أَي الْمَأْخُوذ مِنْهُ (أُجِيب بِأَن عُمُوم كل تفصيلي) أَي لاستغراق كل وَاحِد وَاحِد مفصلا (بِخِلَاف الْجمع) فَإِن عُمُومه لَيْسَ بتفصيلي (للْفرق الضَّرُورِيّ: بَين للرِّجَال عِنْدِي دِرْهَم، وَلكُل رجل) عِنْدِي دِرْهَم حَتَّى يلْزم فِي الأول دِرْهَم وَاحِد للْجَمِيع، وَفِي الثَّانِي دِرْهَم لكل رجل (وَهَذَا) الْجَواب (يُشِير إِلَى أَن استغراق الْجمع الْمحلي لَيْسَ كالمفرد، وَهُوَ) أَي كَون استغراقه لَيْسَ كالمفرد (خلاف) الْمَذْهَب (الْمَنْصُور، بل هُوَ) أَي الْجمع الْمحلي (كالمفرد، وَإِن صَحَّ إِرَادَة الْمَجْمُوع بِهِ) أَي الْمحلي (لَا كل فَرد بِالْقَرِينَةِ) الصارفة عَن كل فَرد أَلْبَتَّة لإِرَادَة الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ كهذه الدَّار لَا تسع الرِّجَال (وَقد ينصر) كَونه لَيْسَ كالمفرد (بِالْفرقِ: بَين للْمَسَاكِين عِنْدِي دِرْهَم، وللمسكين) عِنْدِي دِرْهَم عِنْد قصد الِاسْتِغْرَاق تتبادر إِرَادَة الْمَجْمُوع فِي الْجمع، وكل وَاحِد وَاحِد فِي الْمُفْرد (قبل مُلَاحظَة اسْتِحَالَة انقسامه) أَي الدِّرْهَم الْوَاحِد (على الْكل) فَإِنَّهُ بعد ملاحظتها يتَعَيَّن إِرَادَة خلاف الظَّاهِر، وَهُوَ الْمَجْمُوع فَيكون الْمَعْنى: لكل وَاحِد عِنْدِي دِرْهَم (و) ينصر أَيْضا (بتبادر صدق مَا تقدم) من أَخذ صَدَقَة من أَمْوَالهم على أَخذ صَدَقَة وَاحِدَة مِنْهَا (فَالْحق أَن عمومها) أَي الجموع المحلاة (مجموعي) بِمَعْنى أَن الحكم الْمَنْسُوب إِلَيْهَا يثبت للمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع لَا لكل وَاحِد من آحادها (وَإِن قُلْنَا أَن أَفْرَاد الْجمع الْعَام الواحدان) أَي أَفْرَاد مَفْهُوم مفرده، لَا أَفْرَاد مَفْهُومه: أَعنِي الْجَمَاعَات كَمَا سبق (فَإِنَّهُ) أَي كَونه مُسْتَغْرقا لآحاد الْمُفْرد (لَا يُنَافِيهِ) أَي كَون عمومها مجموعيا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (وَلُزُوم الحكم الشَّرْعِيّ أَو) لُزُوم الحكم (مُطلقًا) شَرْعِيًّا كَانَ أَو غَيره (لكل) من الْآحَاد (ضَرُورَة عدم تجزؤ الْمَطْلُوب) فِيمَا إِذا لم يكن الحكم الْمُتَعَلّق بِالْجمعِ الْمحلي أمرا قَابلا للتجزئة ليتصور أَن يكون الْمَطْلُوب من الجموع فعلا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يتَعَيَّن أَن يكون الْمَطْلُوب من كل وَاحِد فعلا آخر، وَقَوله ضَرُورَة مفعول لمَحْذُوف هُوَ خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي لُزُوم الحكم (وَغَيره) من الْقَرَائِن الدَّالَّة على أَن الحكم ثَابت لكل وَاحِد من آحَاد الْجمع الْمَذْكُور مَعْطُوف على عدم تجزؤ (كيحب الْمُحْسِنِينَ) للْعلم بحب كل محسن (وَالْحَاصِل أَنه) أَي عُمُوم الْجمع فِي الْآحَاد على وَجه الِانْفِرَاد (مُقْتَضى أَمر آخر غير اللُّغَة) وَالتَّحْقِيق الْمَذْكُور مَبْنِيّ على الْوَضع اللّغَوِيّ (وَصُورَة هَذِه المسئلة) يَعْنِي عنوانها (عِنْد الْحَنَفِيَّة الْجمع الْمُضَاف لجمع) أَي إِلَى جمع (كمن أَمْوَالهم لَا يُوجب إِثْبَات الحكم لَهُ) أَي إثْبَاته لَهُ مُضَافا إِلَى كل فَرد من آحَاد الْجمع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute