فِي نسخ مَا ذكر بِمَا ذكر (إبِْطَال الْقَاطِع بالمحتمل) وَهُوَ مُمْتَنع فَتعين تَخْصِيص الْعَام بِهِ فَإِن قلت كَيفَ حكم بقطعية الأول وَاحْتِمَال الثَّانِي مَعَ اشتراكهما فِي الْعُمُوم وَاحْتِمَال التَّخْصِيص قلت الأول لَا صَارف لَهُ عَن ظَاهره، وَالثَّانِي لَهُ صَارف وَهُوَ الأول (قُلْنَا) هَذَا: أَعنِي كَونه مُحْتملا (مَبْنِيّ على ظنية دلَالَة الْعَام، وَهُوَ) أَي كَونه ظَنِّي الدّلَالَة (مَمْنُوع)، بل هُوَ قَطْعِيّ الدّلَالَة أَيْضا كَمَا هُوَ فَهُوَ إبِْطَال الْقَاطِع بالقاطع، وَلَا خلاف فِي جَوَازه (وَلَو سلم) أَن الْعَام ظَنِّي الدّلَالَة (فَلَا مُخَصص فِي الشَّرْع بخاص) من كل وَجه (بل) التَّخْصِيص (بالاستقراء) لَا يكون إِلَّا (بعام خصوصه بِالنِّسْبَةِ) إِلَى مَا هُوَ مُخْتَصّ بِهِ: يَعْنِي خُصُوصِيَّة الْمُخَصّص لكَونه جزئيا إضافيا لما خصص بِهِ لَا بِاعْتِبَار أَنه خَاص اصْطِلَاحا، فَيلْزم عَلَيْكُم إبِْطَال الْقَاطِع بالمحتمل فِي الْقدر الَّذِي أخرج من الأول (كلا تقتلُوا النِّسَاء) أَي كَمَا لَو قَالَ الشَّارِع هَذَا مَعَ قَوْله: - {اقْتُلُوا الْمُشْركين} - فَإِن ذَلِك عَام فِي نَفسه خَاص بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآيَة، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل النِّسَاء (وَمَا استدلوا بِهِ من وَأولَات الْأَحْمَال، وَالْمُحصنَات) على تَخْصِيص الْعَام بالمخصص المتراخي على مَا سبق ذكره مَعْطُوف على قَوْله لَا تقتلُوا فَإِن كلا مِنْهُمَا خَاص بِالنِّسْبَةِ (فاللازم) على تَقْدِير التَّسْلِيم ٠ إبِْطَال ظَنِّي بظني) لكَون كل من الْمُتَقَدّم والمتأخر عَاما، لَا إبِْطَال قَطْعِيّ بقطعي كَمَا زعمتم (وَأما اشْتِرَاط الِاسْتِقْلَال) فِي الْمُخَصّص (فلتغير دلَالَته) أَي لتغيير دلَالَة الْعَام من الْقطع (إِلَى الظَّن) فَإِنَّهُ لَو لم يكن مُسْتقِلّا كالاستثناء وَبدل الْبَعْض لَا يتَغَيَّر، بل يتقى على قطعيته، فَدلَّ الْكَلَام على أَن المستقل بِغَيْر إِلَى الظَّن، وَغير المستقل غير مغير وَمنع كل مِنْهُمَا، وَقيل الْمخْرج لبَعض مِنْهُ معِين قَابل للتَّعْلِيل إِذا كَانَ مقترنا يُغَيِّرهُ إِلَى الظَّن مُسْتقِلّا كَانَ أَولا، وَأما المتراخي فَغير المستقل مِنْهُ لَا يُغير، والمستقل نَاسخ، وَيلْزمهُ عدم التَّغْيِير إِلَى الظَّن (لَا يَحْتَاجهُ) أَي لَا يحْتَاج إِلَى الشَّرْط الْمَذْكُور (الْقَائِل بظنيته من الْحَنَفِيَّة) كَأبي مَنْصُور وَمن مَعَه، لِأَن ظنية دلَالَة الْعَام مَوْجُودَة بِلَا مغير (وَلَا خلاف فِي عدم تغيره) أَي الْعَام (بِالْعقلِ) أَي بالمخصص الْعقلِيّ من الْقطع (إِلَى الظَّن كخروج الصَّبِي وَالْمَجْنُون من خطاب الشَّرْع إِلَّا أَن يخرج الْعقل (مَجْهُولا) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تبطل حجيته فِي الْبَاقِي لعدم تعينه بِنَاء على مجهولية الْمخْرج فضلا عَن الْقطع إِلَى الظَّن (تَفْصِيل) الْمخْرج لبَعض أَفْرَاد الْعَام (الْمُتَّصِل) بِهِ أَقسَام يرتقى عَددهَا (إِلَى خَمْسَة: الأول الشَّرْط) وَهُوَ (مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْوُجُود) أَي وجود الشَّيْء بِأَن لَا يُوجد بِدُونِ وجوده (وَلَا دخل لَهُ فِي التَّأْثِير والإفضاء، فَخرج جُزْء السَّبَب) لِأَنَّهُ وَإِن توقف عَلَيْهِ السَّبَب لَكِن لَا دخل لَهُ فِي الْإِفْضَاء إِلَيْهِ، وَقد علم بذلك خُرُوج سَبَب الشَّيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الأولى (و) خرج (الْعلَّة) لِأَنَّهَا وَإِن توقف عَلَيْهَا الْوُجُود: لَكِنَّهَا مُؤثرَة (وَقَول الْغَزالِيّ) فِي تَعْرِيف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute