للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّارِع (كالمخرج من الْعَام) من حَيْثُ أَن الْعَام (يتَنَاوَلهُ) لُغَة (وَيمْتَنع فِيهِ) أَي فِي الْمخْرج (حكمه) أَي الْعَام بِدَلِيل شَرْعِي (أمكنهم) جَوَاب لَو، وَلَا يخفى سماجة هَذَا الِالْتِزَام (وعَلى اعْتِبَاره) أَي الِالْتِزَام الْمَذْكُور (فالمطلوب ضد لم يمنعهُ الدَّلِيل، وَأما إِلْزَام نفي الْمُبَاح) على المعمم بِأَن يُقَال مَا من مُبَاح إِلَّا وَهُوَ ضد الْحَرَام مَنْهِيّ عَنهُ، وَلِهَذَا ذهب الكعبي إِلَى أَنه مَا من مُبَاح إِلَّا هُوَ ترك حرَام فَيلْزم كَون ذَلِك الْمُبَاح مَأْمُورا بِهِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ منع شَرْعِي حَتَّى يكون كالمخرج من الْعَام (فَغير لَازم) إِذْ كَون الْمُبَاح تركا لِلْحَرَامِ لَا يسْتَلْزم كَونه ضدا لَهُ إِذْ الضدان هما المتنافيان بأنفسهما، على أَنه إِن قَامَ دَلِيل على إِبَاحَته كَانَ قرينَة لعدم إِرَادَته على مَا ذكر آنِفا (المضمن) أَي الْقَائِل بِأَن الْأَمر بالشَّيْء يتَضَمَّن النَّهْي عَن ضِدّه وَنقض هَذَا الدَّلِيل قَالَ (أَمر الْإِيجَاب طلب فعل يذم بِتَرْكِهِ فاستلزم النَّهْي عَنهُ) أَي عَن تَركه (وَعَما يحصل) التّرْك (بِهِ وَهُوَ) أَي مَا يحصل بِهِ التّرْك (الضِّدّ) للْمَأْمُور بِهِ فاستلزم الْأَمر الْمَذْكُور النَّهْي عَن ضِدّه (وَنقض) هَذَا الدَّلِيل بِأَنَّهُ (لَو تمّ لزم تصور الْكَفّ عَن الْكَفّ) عَن الْمَأْمُور بِهِ (لكل أَمر إِيجَابا) لِأَن الْمُسْتَدلّ ادّعى استلزام الْأَمر النَّهْي عَن تَركه، لِأَن تَركه هُوَ الْكَفّ عَنهُ، وَالنَّهْي عَن الشَّيْء هُوَ طلب الْكَفّ عَن الْكَفّ لَازم لطلب الْكَفّ عَن ذَلِك الشَّيْء، فالنهى عَن الْكَفّ الْمَأْمُور بِهِ هُوَ طلب الْكَفّ عَن الْكَفّ عَنهُ، وتصور الْكَفّ عَن الْكَفّ، وَاللَّازِم بَاطِل للْقطع بِطَلَب الْفِعْل مَعَ عدم خطور الْكَفّ عَن الْكَفّ (وَلَو سلم) عدم لُزُوم تصور الْكَفّ عَن الْكَفّ (منع كَون الذَّم بِالتّرْكِ جُزْء الْوُجُوب) أَي جُزْء الْأَمر الإيجابي أَو لَازم مَفْهُومه لُزُوما عقليا واستلزام الْأَمر الإيجابي النَّهْي عَن تَركه فرع كَون الذَّم بِالتّرْكِ جُزْءا أَو لَازِما (وَإِن وَقع) الذَّم بِالتّرْكِ (جُزْء التَّعْرِيف) الرسمي لَهُ (بل هُوَ) أَي الْوُجُوب يَعْنِي الْأَمر الإيجابي (الطّلب الْجَازِم) الَّذِي لم يجوز طَالبه ترك الْمَطْلُوب بِهِ (ثمَّ يلْزم تَركه) أَي ترك مَطْلُوبه (ذَلِك) أَي الذَّم فَاعل يلْزم قدم مَفْعُوله (إِذا صدر) الْأَمر (مِمَّن لَهُ حق الْإِلْزَام) أَي ولَايَة الْإِلْزَام واللزوم بِحَسب التحقق فِي الْخَارِج لَا يسْتَلْزم اللُّزُوم بِحَسب التعقل، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوب (وَلَو سلم) كَون الذَّم بِالتّرْكِ جُزْء الْوُجُوب (فَجَاز كَون الذَّم عِنْد التّرْك لِأَنَّهُ لم يفعل) مَا أَمر بِهِ لَا لِأَنَّهُ فعل الضِّدّ المستلزم للترك، وَكَون الضِّدّ مَنْهِيّا عَنهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِكَوْن الذَّم لأَجله (وَلَا يخفى أَنه لَا يتَوَجَّه الذَّم على الْعَدَم) أَي على عدم الْفِعْل (من حَيْثُ هُوَ عدم بل من حَيْثُ هُوَ فعل الْمُكَلف) يَعْنِي لَو توجه إِنَّمَا يتَوَجَّه من حَيْثُ أَنه فعل الْمُكَلف لَكِن هَذِه الْحَيْثِيَّة غير مَوْجُودَة فِيهِ، فَلَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَلَيْسَ الْعَدَم فعله بل) فعله إِنَّمَا هُوَ (التّرْك المبقى للعدم) الأَصْل (على الأَصْل) وَحَاصِله كف النَّفس عَمَّا يقطع الْعَدَم الْأَصْلِيّ من فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>