للْفَاعِل وَلَا الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِذْ هما نسبتان عقليتان لازمتان للحاصل بِالْمَصْدَرِ فَإِنَّهُ إِذا صدر عَن الْفَاعِل وَتعلق بالمفعول ثَبت بِالضَّرُورَةِ للْفَاعِل وصف اعتباري: وَهُوَ كَونه بِحَيْثُ صدر عَنهُ ذَلِك الْحَدث، وَآخر للْمَفْعُول وَهُوَ كَونه بِحَيْثُ وَقع عَلَيْهِ وَلَا شَيْء مِنْهُمَا بموجود فِي الْخَارِج، وَإِنَّمَا الْمَوْجُود فِيهِ نفس ذَلِك الْحَدث الْمُسَمّى بالحاصل بِالْمَصْدَرِ، وَإِن أردْت زِيَادَة تَحْقِيق لَهُ فَعَلَيْك برسالة الْفُقَهَاء فِي تَحْقِيقه (وَترك أضداده) أَي الْمَأْمُور بِهِ (وَاحِد فِي الْوُجُود) أَي يوجدان (بِوُجُود وَاحِد أَو لَا) فعلى الأول يلْزم اتِّحَاد الطّلب الْمُتَعَلّق بِالْفِعْلِ مَعَ الطّلب الْمُتَعَلّق بترك أضداده، وعَلى الثَّانِي يلْزم تغاير الطلبين بِالذَّاتِ لتغاير متعلقيهما بِالذَّاتِ (بل الْجَواب مَا تضمنه دَلِيل النافين من الْقطع بِطَلَب الْفِعْل مَعَ عدم خطور الضِّدّ) وَهَذَا فِي غير نَحْو الْحَرَكَة والسكون (وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يتم) الِاسْتِدْلَال بِمَا ذكر من قَوْله: أَي فعل السّكُون عين ترك الْحَرَكَة إِلَى آخِره (فِيمَا أَحدهمَا) أَي الْمَأْمُور بِهِ وَالنَّهْي عَنهُ (ترك الآخر) وَفِي نُسْخَة عدم للْآخر (كالحركة والسكون، لَا) فِي (الأضداد الوجودية) يَعْنِي إِذا كَانَ للْمَأْمُور بِهِ ضد وَاحِد مسَاوٍ النقيضه وَهُوَ فِي الْمَعْنى لَيْسَ بوجودي لكَونه مُسَاوِيا لعدم الْمَأْمُور بِهِ، فَحِينَئِذٍ طلب تَركه طلب للْمَأْمُور بِهِ فِي الْحَقِيقَة، وَأما إِذا كَانَ لَهُ أضداد لَيْسَ أَحدهَا على الْوَجْه الْمَذْكُور وَهِي حِينَئِذٍ وجودية، فَطلب ترك أَحدهَا لَا يكون طلبا للْمَأْمُور بِهِ لنحقق تَركه فِي ضمن ضد آخر لَهُ (فَلَيْسَ) مَا أَحدهمَا ترك الآخر (مَحل النزاع عِنْد الْأَكْثَر) لاتفاقهم على أَن الْأَمر بالشَّيْء فِيهِ نهي عَن ضِدّه (وَلَا تَمَامه) أَي مَحل النزاع (عندنَا) لِأَنَّهُ أَعم من ذَلِك، هَكَذَا فِي نُسْخَة الشَّارِح وَلَيْسَ فِي النُّسْخَة الَّتِي اعتمدنا عَلَيْهَا عِنْد الْأَكْثَر إِلَى آخِره وَهُوَ الصَّوَاب، لِأَن نفي كَون مَا ذكر تَمام مَحل النزاع يدل على أَنه من جملَة مَحَله، وَلَا وَجه للنزاع فِيهِ كَمَا لَا يخفى إِلَّا أَن يتَكَلَّف، وَيُقَال فرق بَين طلب الشَّيْء وَطلب ترك نقيضه من حَيْثُ التَّعْبِير وَإِن اتحدا مَآلًا.
وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّب على هَذَا النزاع بِمرَّة (وللمعمم) الْقَائِل (فِي النَّهْي) أَنه أَمر بالضد كَمَا أَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن الضِّدّ (دَلِيلا القَاضِي) وهما لَو لم يكن نَفسه لَكَانَ مثله أَو ضِدّه أَو خِلَافه إِلَى آخِره، والسكون ترك الْحَرَكَة إِلَى آخِره (وَالْجَوَاب) عَنْهُمَا (مَا تقدم) آنِفا من جَوَاز تلازم الخلافين وَالْقطع بِطَلَب الْفِعْل مَعَ عدم خطور الضِّدّ (وَأَيْضًا يلْزم فِي نهي الشَّارِع كَون كل من الْمعاصِي المضادة) للنَّهْي عَنهُ (مَأْمُور بِهِ مُخَيّرا) فَيكون النَّهْي عَن الزِّنَا أَمر باللواط (وَلَو التزموه لُغَة) فَقَالُوا سلمنَا أَنه يلْزم ذَلِك من حَيْثُ الدّلَالَة اللُّغَوِيَّة (غير أَنَّهَا) أَي الْمعاصِي (مَمْنُوعَة بشرعي) أَي بِدَلِيل شَرْعِي فَهُوَ قرينَة دَالَّة على أَنَّهَا لَيست مُرَاد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute