للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سوقه إِلَيْهَا، ويناسب هَذَا قَوْله (دفع) أَي ألجأ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ (نظامه) أَي حسن تَرْتِيب الْعَالم على الْوَجْه الْمشَاهد (المستقر) أَي الثَّابِت على أتم وُجُوه الانتظام من غير اختلال وَلَا انخرام (إِلَى الْقطع) أَي الْعلم الْقطعِي مُتَعَلق بِالدفع (بوحدانيته) لِأَنَّهُ - {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} - (كَمَا أوجب توالي نعمائه تَعَالَى المستمر) أَي تتابعها الدَّائِم على عَامَّة الْخلق، والنعماء بِالْفَتْح ممدودة بِمَعْنى النِّعْمَة (الْعلم برحمانيته) لِأَن الرَّحْمَن هُوَ الْمُنعم الْحَقِيقِيّ الْبَالِغ فِي الرَّحْمَة غايتها بِأَن يسع كل شَيْء تفضلا من غير انْقِطَاع الْمعْصِيَة وَغَيرهَا، وَفِيمَا ذكر إِشَارَة إِلَى مُعظم مَقَاصِد علم أصُول الدّين الْمُقدم على علم أصُول الْفِقْه من إِثْبَات الْوَاجِب وَقدرته وإيجاده إِلَى غير ذَلِك (وَصلى الله على رَسُوله مُحَمَّد). قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: أجمع الْأَقْوَال الشارحة للرسالة الإلهية أَنَّهَا سفارة بَين الْحق والخلق تنبه أولي الْأَلْبَاب على مَا تقصر عَنهُ عُقُولهمْ من صِفَات معبودهم ومعادهم، ومصالح دينهم ودنياهم، ومستحثات تهديهم، ودوافع شبه ترديهم. قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله فِي المسايرة: وَأما على مَا ذكره الْمُحَقِّقُونَ: من أَن النَّبِي: إِنْسَان بَعثه الله لتبليغ مَا أُوحِي إِلَيْهِ، وَكَذَا الرَّسُول فَلَا فرق انْتهى، وَمِمَّا قيل فِي الْفرق: أَن الرَّسُول مَأْمُور بالإنذار، وَيَأْتِي بشرع مُسْتَأْنف، وَلَا كَذَلِك النَّبِي، وَإِن أمره بالتبليغ، وَيَأْتِي الْوَحْي الرَّسُول من جَمِيع وجوهه، وَالنَّبِيّ من بَعْضهَا، وَإِنَّمَا سمي بِمُحَمد لِأَنَّهُ مَحْمُود عِنْد الله وَعند أهل السَّمَاء وَالْأَرْض، وَهُوَ أَكثر النَّاس حمدا إِلَى غير ذَلِك.

(وشق لَهُ من اسْمه ليجله ... فذو الْعَرْش مَحْمُود وَهَذَا مُحَمَّد)

(أفضل من عَبده من عباده) فِيهِ إِشَارَة إِلَى تَفْضِيل الْبشر على الْملك، وَمن تبعيضية لِأَن الْعباد: وهم المماليك يعم من عبد وَمن لم يعبد، وَالْعِبَادَة الطَّاعَة (وَأقوى من ألزم أوامره) بالمعجزات الباهرة والحجج الظَّاهِرَة: وَهُوَ كالدليل على أفضليته. قَالَ تَعَالَى - {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} - الْآيَة وَإِنَّمَا قدم الْوَصْف الأول لكَونه موصلا إِلَى الثَّانِي وَاكْتفى بِذكر الْأَوَامِر، لِأَن إِلْزَامه أصعب، فَإِن الْفِعْل أشق على النَّفس من التّرْك مَعَ أَنه يفهم بِقَرِينَة التقابل، وَترك الْمنْهِي عَنهُ مَأْمُور بِهِ (وَنشر) أَي فرق أَو بسط (ألوية شرائعه) جمع لِوَاء بِالْمدِّ، وَهُوَ الْعلم، أَو شَرِيعَة، وَهُوَ مَا شرع الله لِعِبَادِهِ، شبه الشَّرَائِع بالألوية لكَونهَا عَلامَة الْملك وأضافها، فَيكون التَّشْبِيه أبلغ كَمَا فِي لجين المَاء (فِي بِلَاده حَتَّى افترت) الْبِلَاد: أَي سكنت بعد حِدة، ولانت بعد شدَّة (ضاحكة) حَال من ضمير افترت (عَن جذل) بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة أَي عَن فَرح وابتهاج، شبه بِاعْتِبَار كَثْرَة أَفْرَاده بالأسنان الْبَادِيَة حَال الضحك فِي الظُّهُور عِنْد الانبساط، وَعَن مُتَعَلقَة بِضَاحِكَةٍ لتَضَمّنه معنى الْكَشْف، وَيجوز أَن يُرَاد كَون الضحك ناشئا

<<  <  ج: ص:  >  >>