والاستفادة (وَهُوَ) أَي خِلَافه فِي وُقُوعه (بعيد) لَا يشْتَبه وُقُوعه (على بعض المميزين) وَذكر لفظ الْبَعْض الَّذِي يعم من لَهُ أدنى تَمْيِيز مُبَالغَة، فَالْمَعْنى لَا يشْتَبه على من لَهُ أدنى تَمْيِيز وَلَا يصدر عَنهُ (فضلا عَنهُ) أَي فضلا عَن صدوره عَن الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق، ثمَّ علل الْبعد بقوله (لِأَن الْقطع بِهِ) أَي بِوُقُوع الْمجَاز فِي اللُّغَة (أثبت من أَن يُورد لَهُ مِثَال) أَي الْقطع الْحَاصِل بِوُجُودِهِ بِدُونِ إِيرَاد الْمِثَال لَهُ أثبت من الْقطع الْحَاصِل بِوُجُودِهِ بسب إِيرَاد الْمِثَال أَو الْمَعْنى الْقطع بِهِ متجاوز عَن إيرادا لمثال لكَونه مغنيا عَنهُ، فَإِن أفعل التَّفْضِيل يلْزمه تجَاوز الْمفضل عَن الْمفضل عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لكثرته وَكَمَال ظُهُوره (وَيلْزمهُ) أَي يلْزم دَلِيل النَّافِي (نفي) وُقُوع (الْإِجْمَال مُطلقًا) فِي اللُّغَة، وَالْكتاب، وَالسّنة للإفضاء إِلَى الْإِخْلَال بفهم الْمَعْنى المُرَاد، وَاللَّازِم مُنْتَفٍ (و) خلافًا (للظاهرية فِي الثَّانِي) أَي الْقُرْآن. قَالَ الشَّارِح وَكَذَا فِي الثَّالِث إِلَّا أَنهم غير مطبقين على إِنْكَار وُقُوعه فيهمَا، وَإِنَّمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو بكر بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ الظَّاهِرِيّ فِي طَائِفَة مِنْهُم (لِأَنَّهُ) أَي الْمجَاز (كذب لصدق نقيضه) إِذْ يَصح أَن يُقَال لمن قَالَ للبليد أَنه حمَار كذبت: إِذْ البليد لَيْسَ بِحِمَار (فيصدقان) أَي النقيضان إِذا وَقع فِي الْقُرْآن، أما صدق الْكَلَام الْمُشْتَمل على الْمجَاز فلاستحالة الْكَذِب فِي حق الله تَعَالَى، وَأما صدق نقيضه فلصدق نفي مَدْلُول اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل مجَازًا بِحَسب نفس الْأَمر (قُلْنَا جِهَة الصدْق مُخْتَلفَة) فمتعلق الْإِثْبَات الْمَعْنى الْمجَازِي ومتعلق النَّفْي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ. فزيد حمَار صَادِق من جِهَة الْمَعْنى الْمجَازِي، وَزيد لَيْسَ بِحِمَار صَادِق من جِهَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ وَلَا مَحْذُور فِيهِ لما ذكر أَن الْمجَاز صَادِق أَرَادَ أَن يُحَقّق منَاط صدقه فَقَالَ (وتحقيقي صدق الْمجَاز التَّشْبِيه وَنَحْوه من العلاقة) فَإِذا صدق كَون زيد شَبِيها بالأسد بِأَن يكون شبهه بِهِ متحققا فِي نفس الْأَمر بِأَن يكون شجاعا صدق قَوْلنَا زيد أَسد، وَإِذا صدق كَون زيد منعما عَلَيْك، صدق قَوْلك: لَهُ على يَد (وَحِينَئِذٍ) أَي وَحين كَانَ منَاط صدق الْمجَاز صدق التَّشْبِيه هِيَ مبناه ومآله (وَهُوَ) أَي الْمجَاز (أبلغ) من الْحَقِيقَة لما فِيهِ من تصرف عَقْلِي لَيْسَ للْحَقِيقَة مثله (وَقَوْلهمْ) أَي الظَّاهِرِيَّة (يلْزم) على تَقْدِير وُقُوع الْمجَاز فِي كَلَامه تَعَالَى (وَصفه تَعَالَى بالمتجوز) لِأَن من قَامَ بِهِ فعل اشتق لَهُ مِنْهُ اسْم فَاعل وَاللَّازِم بَاطِل لِامْتِنَاع إِطْلَاقه عَلَيْهِ تَعَالَى اتِّفَاقًا (قُلْنَا إِن) أدرتم لُزُومه (لُغَة منعنَا بطلَان اللَّازِم) إِذْ لَا مَانع لَهُ مِنْهُ لُغَة (أَو) أردتم لُزُومه (شرعا منعنَا الْمُلَازمَة) لِأَن كَونه مَوْصُوفا بالْكلَام الْمُشْتَمل على الْمجَاز لَا يَقْتَضِي صِحَة إِطْلَاق المتجوز عَلَيْهِ شرعا، لِأَن صِحَة إِطْلَاق الِاسْم عَلَيْهِ مَشْرُوط بِأَن لَا يكون موهما لما لَا يَلِيق بِهِ، وَلَفظ المتجوز يُوهم أَنه يتسمح ويتوسع فِيمَا لَا يَنْبَغِي من الْأَفْعَال والأقوال، وَهُوَ نقص (وَلنَا الله نور السَّمَوَات) فَإِن النُّور فِي الأَصْل: كَيْفيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute