للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ (وَإِن لم يدون) الْأُصُول قبل الْفِقْه، فَإِن أول من دون الْفِقْه ورتب كتبه وأبوابه الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله. قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ من أَرَادَ الْفِقْه فَهُوَ عِيَال على أبي حنيفَة نَقله الفيروزابادي الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي طَبَقَات الْفُقَهَاء وَغَيره، وَقَالَ المطرزي فِي الْإِيضَاح ذكر الإِمَام السَّرخسِيّ فِي كِتَابه أَن ابْن سُرَيج وَكَانَ مقدما فِي أَصْحَاب الشَّافِعِي بلغه أَن رجلا يَقع فِي أبي حنيفَة رَحمَه الله، فَدَعَاهُ فَقَالَ: يَا هَذَا أتقع فِي رجل يسلم لَهُ النَّاس ثَلَاثَة أَربَاع الْعلم وَهُوَ لَا يسلم لَهُم الرّبع، فَقَالَ: وَكَيف ذَلِك؟ فَقَالَ الْفِقْه: سُؤال وَجَوَاب، وَهُوَ الَّذِي تفرد بِوَضْع السُّؤَال فَسلم لَهُ نصف، ثمَّ أجَاب عَن السُّؤَال، وخصومه لَا يَقُولُونَ أَنه أَخطَأ فِي الْكل، فَإِذا جعلت مَا وافقوه فِيهِ مُقَابلا لما خالفوه فِيهِ سلم ثَلَاثَة أَربَاع الْعلم لَهُ وَبَقِي بَينه وَبَين جَمِيع النَّاس ربع الْعلم فَتَابَ الرجل، وَيُقَال أَن أول من دون فِي أصُول الْفِقْه اسْتِقْلَالا الإِمَام الشَّافِعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ صنف فِيهِ كتاب الرسَالَة بالتماس ابْن الْمهْدي (وَيزِيد) الْأُصُول على الْفِقْه استمدادا (بهَا) أَي بتصورات الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة لكَونهَا (مَوْضُوعَات) لمسائله (فِي مثل الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ أَولا، وَالْوَاجِب إِمَّا مُقَيّد بِالْوَقْتِ أَولا) وَلَيْسَ مثله فِي الْفِقْه فَلِذَا كَانَ أَكثر احتياجا (وَعنهُ) أَي عَن كَونهَا مَوْضُوعَات (عدت) الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة (من الْمَوْضُوع) أَي من مَوْضُوع الْأُصُول، ثمَّ مُرَاد المُصَنّف رَحمَه الله بِمَا مِنْهُ الاستمداد مَا بِحَيْثُ يكون مَادَّة وجزءا لهَذَا الْعلم، وَلِهَذَا لم يَجْعَل الاستمداد من ثَلَاثَة هذَيْن، وَالْكَلَام كَمَا جعله الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب مِنْهَا، وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح والشأن فِي اخْتِيَار مَا هُوَ أولى بِالِاعْتِبَارِ (وَمَا قيل) من أَن علم الْأُصُول لَيْسَ علما بِرَأْسِهِ، بل هُوَ (كُله أَجزَاء عُلُوم) وأبعاضها جمعت من الْكَلَام وَالْفِقْه واللغة والْحَدِيث والجدل (بَاطِل) قَالَ شَارِح هَذَا الْكتاب أَن الْقَائِل هُوَ السُّبْكِيّ (وَمَا يخال) أَي يظنّ (من علم الحَدِيث) من الْأَحْوَال الراجعة إِلَى مَتنه أَو طَرِيقه كالعبرة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وبعمل الصَّحَابِيّ لَا بروايته أَو بِالْعَكْسِ، وعدالة الرَّاوِي وجرحه أَن الْأُصُول يستمد مِنْهُ (لَيْسَ) الْبَحْث عَنهُ (استمدادا) لِلْأُصُولِ (بل تدَاخل موضوعي علمين) يَتَرَتَّب غايتهما على الْبَحْث عَن أَحْوَال شَيْء وَاحِد فيشتركان فِي الْمَوْضُوع أَو ينْدَرج مَوْضُوع أَحدهمَا تَحت مَوْضُوع الآخر على مَا مر (يُوجب مثله) أَي الِاشْتِرَاك فِي بعض الْأَحْكَام (و) الدَّلِيل (السمعي) الَّذِي هُوَ مَوْضُوع الْأُصُول (من حَيْثُ يُوصل) الْعلم بأحواله إِلَى قدرَة إِثْبَات الْأَحْكَام لأفعال الْمُكَلّفين (ينْدَرج فِيهِ) أَي السمعي (السمعي النَّبَوِيّ) الَّذِي هُوَ مَوْضُوع علم الحَدِيث اندراج الجزئي الإضافي تَحت الْكُلِّي، وَالْمرَاد بِهِ أَدِلَّة السّنة كَمَا ينْدَرج فِيهِ أَدِلَّة الْكتاب (من حَيْثُ كَيْفيَّة الثُّبُوت) وَكَون الْأُصُول باحثا من حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>