ذَلِك، فَإِن قيل هَذَا إِذا جعل قضيتين: إِحْدَاهمَا، إِنَّا وَإِيَّاكُم لعلى هدى على سَبِيل منع الْجمع وَالْأُخْرَى إِنَّا أَو إيَّاكُمْ لفي ضلال كَذَلِك، فَحِينَئِذٍ لَا يُمكن اتِّفَاقهمَا على الْهِدَايَة وَلَا على الضَّلَالَة، وَالظَّاهِر أَنه قَضِيَّة وَاحِدَة مرددة الْمَوْضُوع والمحمول حاصلها الحكم على أحد الْفَرِيقَيْنِ بِأحد الْأَمريْنِ على سَبِيل منع الْجمع، فَلَو فرض كَونهمَا جَمِيعًا على الْهِدَايَة مثلا صدقت قُلْنَا لَا نسلم أَن ظَاهره مَا ذكرت، بل هُوَ عرفا عبارَة عَن تينك القضيتين واختصار لَهما وَالله أعلم، ثمَّ عطف على قَوْله قبل مُفْرد (وَقبل جملَة لِأَن الثَّابِت) أَي لإِفَادَة أَن الثَّابِت (أحد المضمونين وَكَذَا تجوز) أَي كَمَا تجوز بِأَن لَو للتشكيك أَو الشَّك وَهُوَ تساهل كَذَلِك تجوز (بِأَنَّهَا للتَّخْيِير أَو الْإِبَاحَة بعد الْأَمر) فَفِيهِ تساهل أَيْضا (وَإِنَّمَا هِيَ لإيصال معنى الْمَحْكُوم بِهِ) كالرؤية (إِلَى أَحدهمَا) كزيد أَو عَمْرو فِي رَأَيْت زيدا أَو عمرا (فَإِن كَانَ) الْمَحْكُوم بِهِ (أمرا) كالضرب زيدا أَو عمرا، وَالْمرَاد بِهِ الْمسند إِذْ لَا حكم فِي الْأَمريْنِ (لزم أَحدهمَا) أَي لزم إِيقَاع الْفِعْل مُتَعَلقا بِأَحَدِهِمَا (وَيتَعَيَّن) كل من الْإِبَاحَة والتخير (بِالْأَصْلِ فَإِن كَانَ) الأَصْل (الْمَنْع فتخيير) أَي فَلَا يتَعَيَّن تَخْيِير (فَلَا يجمع) الْمُخَاطب بَينهمَا (كبع عَبدِي ذَا أَو ذَا) فيبيع أَحدهمَا لِأَن بيع مَمْلُوك الْغَيْر مَمْنُوع، والمستفاد من اللَّفْظ الْإِذْن فِي بيع أَحدهمَا فَمَا زَاد عَلَيْهِ على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْمَنْع (أَو) كَانَ الأَصْل (الْإِبَاحَة فإلزام أَحدهمَا) أَي فَالْمُرَاد إِلْزَام إِيقَاع الْفِعْل مُتَعَلقا بِأَحَدِهِمَا (وَجَاز الآخر بِالْأَصْلِ) أَي بِمُوجب الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة (وَفِي) قَوْله لعبيده الثَّلَاثَة (هَذَا حر أَو هَذَا) بأوو (ذَا) بِالْوَاو (قيل لَا عتق إِلَّا بِالْبَيَانِ لهَذَا) أَي كَانَ يُشِير إِلَى وَاحِد بِعَيْنِه للْبَيَان وَبِقَوْلِهِ هَذَا حر (أَو هَذَانِ) أَي يُشِير إِلَى اثْنَيْنِ بعينهما وَيَقُول هَذَانِ حران وَهَذَا إِذا كَانَ قَوْله لهَذَا إِلَى آخِره تصويرا للْبَيَان، وَالْأَوْجه أَن يَجْعَل مقيسا عَلَيْهِ يَعْنِي حكم هَذِه المسئلة عدم الْعتْق إِلَّا بِالْبَيَانِ كَمَا أَن حكم مسئلة هَذَا حر وَهَذَانِ كَذَلِك بالِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ لِأَن الْجمع بِالْوَاو بِمَنْزِلَة الْجمع بِأَلف التَّثْنِيَة فَيتَخَيَّر بَين الأول والآخرين، وَهَذَا قَول زفر وَالْفراء ذكره الشَّارِح (وَقيل يعْتق الْأَخير) فِي الْحَال وَيتَخَيَّر فِي الْأَوَّلين يعين أَيهمَا شَاءَ (لِأَنَّهُ) أَي القَوْل الْمَذْكُور (كأحدهما) أَي كَقَوْلِه أَحدهمَا حر (وَهَذَا) وَفِي القَوْل يعْتق الْأَخير وَيتَخَيَّر فِي الْأَوَّلين، فَكَذَا مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور (وَرجح) القَوْل الثَّانِي والمرجح صدر الشَّرْعِيَّة (باستدعاء) القَوْل (الأول تَقْدِير حران) لِأَن الْخَبَر الْمَذْكُور وَهُوَ حر لَا يصلح خَبرا لاثْنَيْنِ (وَهُوَ) أَي تَقْدِير حران (بِدلَالَة) الْخَبَر (الأول) وَذَلِكَ أَن الْعَطف للتشريك فِي الْخَبَر أَو لإِثْبَات خبر آخر مثله (وَهُوَ) أَي الأول (مُفْرد) فَيلْزم عدم الْمُنَاسبَة بَين الدَّال والمدلول (وَيُجَاب) والمجيب الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (بِأَنَّهَا) أَي صِحَة دلَالَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute