للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي المتعاطفين بأولا على التَّعْيِين، والتبادر دَلِيل الْحَقِيقَة فَهُوَ الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ (ثمَّ ينْتَقل) الذِّهْن بعد ذَلِك (إِلَى كَون سَبَب الْإِبْهَام أَحدهمَا) أَي الشَّك من الْمُتَكَلّم إِن لم يكن عَالما والتشكيك إِن كَانَ عَالما بِطرف النِّسْبَة عينا وَأَرَادَ أَن يلبس على السَّامع (فَهُوَ) أَي الشَّك والتشكيك مَدْلُول (التزامي) للْكَلَام (عادي لَا عَقْلِي) لِإِمْكَان انفكاكهما بِأَن يَسْتَفِيد السَّامع نِسْبَة الْمَجِيء إِلَى أَحدهمَا مُبْهما من غير أَن ينْتَقل ذهنه إِلَى سَبَب الْإِبْهَام إِلَيْهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لِإِمْكَان عدم إخطاره) كَذَا فِي نُسْخَة، وَفِي نُسْخَة أُخْرَى عدم إِحْضَاره (وَعنهُ) أَي وَعَن كَون الشَّك أَو التشكيك مدلولا التزاميا عاديا لأو (تجوز بِأَنَّهَا للشَّكّ) قَالَ الشَّارِح لعلاقة التلازم العادي فَكَأَنَّهُ لم يفرق بَين تجوز بهَا عَن الشَّك وَتجوز بِأَنَّهَا للشَّكّ.

وَأَنت خَبِير بِأَن التَّجَوُّز على الأول فِي أَو، وعَلى الثَّانِي فِي أَنَّهَا للشَّكّ: أَي فِي هَذَا الحكم إِذْ هِيَ فِي الْحَقِيقَة لما يلْزمه الشَّك عَادَة لَا لنَفس الشَّك (وَقد يعلم بِخَارِج التَّعْيِين) أَي قد يعلم طرف النِّسْبَة بِعَيْنِه من الْخَارِج فَلَيْسَ المُرَاد إِفَادَة كَون أحد الْأَمريْنِ لَا على التَّعْيِين) طرف النِّسْبَة إِذْ لَا حاجه إِلَيْهِ كَمَا أَنه لَا حَاجَة إِلَّا إِفَادَة كَون أَحدهمَا بِعَيْنِه طرفها (فَيكون) أَو حِينَئِذٍ (للإنصاف). أَي لإِظْهَار النصفة حَتَّى أَن كل من سَمعه من موَالٍ ومخالف يَقُول لمن خُوطِبَ بِهِ قد أنصفك الْمُتَكَلّم نَحْو قَوْله تَعَالَى - (وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ الْآيَة) {لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} - قَالَ الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ: أَي وَأَن أحد الْفَرِيقَيْنِ من الْمُوَحِّدين المتوحد بالرزق وَالْقُدْرَة الذاتية بِالْعبَادَة، وَالْمُشْرِكين بِهِ الجماد النَّازِل فِي أدنى الْمَرَاتِب الإمكانية لعلى أحد الْأَمريْنِ من الْهدى والضلال الْمُبين وَهُوَ بعد مَا تقدم من التَّقْرِير البليغ الدَّال على من هُوَ على الْهدى وَمن هُوَ فِي ضلال أبلغ من التَّصْرِيح لِأَنَّهُ فِي صور الْإِنْصَاف المسكت للخصم المشاغب انْتهى فَإِن قلت أَن الْإِنْصَاف إِنَّمَا يحصل بالترديد فِي جَانب الْمسند بتجويز الْهِدَايَة والضلال صُورَة فِي الموحد والمشرك فَمَا وَجه الترديد فِي جَانب الْمسند إِلَيْهِ، وَلم لم يقل إِنَّا وَإِيَّاكُم؟ وَأَيْضًا كَون أحد الْفَرِيقَيْنِ مَوْصُوفا بِأحد الْأَمريْنِ بديهي جلي فَمَا فَائِدَة الْأَخْبَار بِهِ؟ قلت فَائِدَته التَّنْبِيه على أَن الْعَامِل إِذا علم أَن أمره دَار بَين السَّعَادَة الأبدية والشقاوة السرمدية يجب عَلَيْهِ بذل الوسع جَمِيع الْعُمر فِي استكشاف طَرِيق النجَاة، والترديد فِي جَانب الْمسند إِلَيْهِ يزِيد فِي الْإِنْصَاف لما يُوهِمهُ الترديد من التَّسْوِيَة بَين شقيه بِصُورَة المعادلة بَينهمَا وَتَحْقِيق الْجَواب عَنْهُمَا أَنه قصد بِهَذَا الْكَلَام معنى لَا يحصل إِلَّا بالترديدين مَعًا، وَهُوَ أَن الْفَرِيقَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ على الْهِدَايَة وَلَا على الضَّلَالَة فَلَو قَالَ إِنَّا وَإِيَّاكُم إِلَى آخِره لَكَانَ الْمَعْنى إِنَّا لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين وَأَنْتُم كَذَلِك وَهَذَا لَا يُفِيد الْمَقْصُود لجَوَاز اجْتِمَاعهمَا على أحد شقي الترديد، بِخِلَاف وَأَنا وَإِيَّاكُم فَإِنَّهُ لَا يحْتَمل

<<  <  ج: ص:  >  >>