عنترة أَخْبَارًا عَن النَّاقة:
(شربت بِمَاء الدحرضين فَأَصْبَحت ... زوراء تنفر عَن حِيَاض الديلم)
(للظرفية) أى شربت النَّاقة فِي مَحل هَذَا المَاء، والدحرضان ماءان، يُقَال لأَحَدهمَا وشيع، وَللْآخر: الدحرض فغلب فِي التَّثْنِيَة، وَقيل مَاء لبني سعد، وَقيل بلد والزوراء المائلة والديلم نوع من التّرْك ضربه مثلا لأعدائه، يَقُول هَذِه النَّاقة تتخلف عَن حِيَاض أعدائه وَلَا تشرب مِنْهَا، وَقيل الديلم أَرض (و:
(شربن بِمَاء الْبَحْر) ثمَّ ترفعت ... مَتى لجج خضر لَهُنَّ نئيج)
وَمَتى بِمَعْنى من، والنئيج من نئج الثور إِذا خار، وَالْبَيْت فِي وصف السَّحَاب، وَالْبَاء فِيهِ (زَائِدَة وَهُوَ) أَي كَونهَا زَائِدَة (اسْتِعْمَال) مُحَقّق (كثير) يشْهد بِهِ التتبع (وإفادة البعضية لم تثبت بعد) معنى مُسْتقِلّا لَهَا (فالحمل عَلَيْهِ) أَي كَونهَا زَائِدَة (أولى) من الْحمل على البعضية (مَعَ أَنه لَا دَلِيل) على البعضية (إِذْ المتحقق) بِالْقَرِينَةِ (علم البعضية) أَي الْعلم بِأَن مُتَعَلق الحكم بِحَسب نفس الْأَمر بعض مدخولها (وَلَا يتَوَقَّف) عَملهَا (على الْبَاء لعقلية أَنَّهَا) أَي لِأَن الْعقل يحكم بِأَن النَّاقة (لم تشرب كل مَاء الدحرضين وَلَا استغرقن) أَي السحب (الْبَحْر) فَلَا حَاجَة إِلَى إِرَادَة البعضية من الْبَاء لاستقلال الْعقل بإفادتها، هَذَا. وَقَالَ ابْن مَالك: والأجود تضمين شربن معنى روين (وَمثله) أَي مثل هَذَا التَّبْعِيض (تبعيض الرَّأْس فَإِنَّهَا) أَي الْبَاء (إِذا دخلت عَلَيْهِ) أَي الرَّأْس (تعدى الْفِعْل) أَي الْمسْح (إِلَى الْآلَة العادية) للمسح (أَي الْيَد) يَعْنِي أَن الْمسْح لَا بُد لَهُ من آلَة وَمحله وَيذكر وَيقدر الآخر، وَحقّ الْبَاء أَن تدخل على الْآلَة وَلَا تستوعبها وتتعدى إِلَى الْمحل بِغَيْر وَاسِطَة وتستوعبه، وَفِي الْآيَة دخلت على الْمحل فَلَزِمَ عدم استيعابه وَلزِمَ تعديه إِلَى الْآلَة بِغَيْر وَاسِطَة فيستوعبها إِذْ كل مِنْهُمَا نزل منزلَة الآخر فيعطي حَقه وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فالمأمور) بهَا (استيعابها) أَي الْآلَة (وَلَا يسْتَغْرق) استيعابه مِقْدَار الْآلَة (غَالِبا سوى ربعه) أَي الرَّأْس، إِنَّمَا قَالَ غَالِبا لِأَنَّهُ قد يكون الْكَفّ كَبِيرا جدا، وَالرَّأْس صَغِيرا جدا فيستوعبه (فَتعين) الرّبع (فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَلُزُوم التَّبْعِيض عقلا غير مُتَوَقف عَلَيْهَا) أَي الْبَاء: أَي حكم الْعقل بِكَوْن الْمَمْسُوح بعض الرَّأْس لَيْسَ مَوْقُوفا على كَون الْبَاء للتَّبْعِيض لِئَلَّا يلْزم القَوْل بِأَن الْبَاء للتَّبْعِيض وَإِنَّمَا الْحَاجة إِلَيْهَا لتعين الْمِقْدَار. وَقد عرف (وَلَا على حَدِيث أنس فِي) سنَن (أبي دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ) فَهُوَ حجَّة لقَوْله ذكرت فِيهِ الصَّحِيح وَمَا يُشبههُ ويقاربه، وَقَوله: مَا كَانَ فِي كتابي من حَدِيث فِيهِ وَهن شَدِيد فقد بَينته وَمَا لم أذكر فِيهِ شَيْئا فَهُوَ صَالح وَبَعضهَا أصح من بعض. قَالَ ابْن الصّلاح: فعلى هَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابه مَذْكُورا مُطلقًا، وَلَيْسَ فِي وَاحِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute