من الصَّحِيحَيْنِ وَلَا نَص على صِحَّته أحد مِمَّن يُمَيّز بَين الصَّحِيح وَالْحسن عَرفْنَاهُ بِأَنَّهُ من الْحسن عِنْده، وَفِي الشَّرْح زِيَادَة بسط فِيهِ وَلَفظ حَدِيثه " رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ وَعَلِيهِ عِمَامَة قطرية فَأدْخل يَده من تَحت الْعِمَامَة فَمسح مقدم رَأسه " (بل هُوَ) أَي حَدِيث أنس (مَعَ ذَلِك الدَّلِيل) الْمَذْكُور آنِفا (قَائِم على مَالك) فِي إِيجَابه مسح جَمِيع الرَّأْس (إِذْ قَوْله) أَي أنس (فَأدْخل يَدَيْهِ) قَالَ الشَّارِح وَالَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَة صَحِيحَة يَده (من تَحت الْعِمَامَة فَمسح مقدم رَأسه ظَاهر فِي الِاقْتِصَار) عَلَيْهِ: وَهُوَ الرّبع الْمُسَمّى بالناصية فَلَا يُقَال أَن مسح مقدمه لَا يُنَافِي مسح الْبَاقِي، وَفِي الأَصْل تَقْدِيره بِثَلَاثَة أَصَابِع وَفِي الْمُحِيط والتحفة أَنه ظَاهر الرِّوَايَة قَالَ الشَّارِح اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال الْمَذْكُور فِيهِ قَول مُحَمَّد (وَلُزُوم تكَرر الْإِذْن) للبر (فِي أَن خرجت إِلَّا بإذني) فَأَنت طَالِق (لِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِثْنَاء (مفرغ للمتعلق) بِفَتْح اللَّام، يَعْنِي أَن الْمُسْتَثْنى الَّذِي فرغ الْعَامِل عَن الْعَمَل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ للْعَمَل فِيهِ إِنَّمَا هُوَ مُتَعَلق الْبَاء وَهُوَ الْخُرُوج، إِذْ التَّقْدِير (أَي) خرجت خُرُوجًا (إِلَّا خُرُوجًا مُلْصقًا بِهِ) أَي بإذني فَمَا اسْتثْنى من دَائِرَة النَّفْي الشَّامِل لكل خُرُوج كَمَا سيصرح بِهِ إِلَّا خُرُوج ملصق بِالْإِذْنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَمَا لم يكن) أَي فالخروج الَّذِي لم يكن مُلْصقًا (بِهِ) أَي بِالْإِذْنِ (دَاخل فِي الْيَمين لعُمُوم النكرَة) المفهومة من الْفِعْل وَسِيَاق النَّفْي الْحَاصِل من الْيَمين إِذْ هِيَ للْمَنْع من الْخُرُوج فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تخرجي خُرُوجًا إِلَّا خُرُوجًا مُلْصقًا بِهِ (فَيحنث بِهِ) أَي بذلك الْخُرُوج الَّذِي لَيْسَ بِإِذْنِهِ (بِخِلَاف) إِن خرجت (إِلَّا أَن آذن) لَك فَإِنَّهُ (لَا يلْزم فِي الْبر) فِيهِ (تكرره) أَي الْإِذْن (لِأَن الْإِذْن غَايَة) لِلْخُرُوجِ (تجوز بإلا فِيهَا) أَي الْغَايَة (لتعذر اسْتثِْنَاء الْأذن من الْخُرُوج) لعدم المجانسة وَلَا يحسن فِيهِ ذَلِك التَّقْدِير لاختلال أَن خرجت خُرُوجًا إِلَّا خُرُوجًا أَن آذن لَك فَإِن قلت لم لَا يجوز أَن يكون معنى إِلَّا خُرُوجًا كَائِنا فِي وَقت الْإِذْن قلت لَا يقْصد بِهَذِهِ الْعبارَة هَذَا التَّطْوِيل الممل كَمَا لَا يخفى على أَرْبَاب اللِّسَان فَلَا يحمل عَلَيْهِ مَعَ جَوَاز هَذَا التَّجَوُّز الظَّاهِر لوُجُود الْمُنَاسبَة الظَّاهِرَة بَين الْغَايَة وَالِاسْتِثْنَاء: إِذْ كل مِنْهُمَا يُفِيد انْتِهَاء شَيْء إِلَى شَيْء، أما الْغَايَة فلانتهاء المغيا إِلَيْهَا، وَأما الِاسْتِثْنَاء فلانتهاء حكم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ الى الْمُسْتَثْنى (وبالمرة) من الْإِذْن (يتَحَقَّق) الْبر (فينتهي الْمَحْلُوف عَلَيْهِ) وَهُوَ الْخُرُوج الْمَمْنُوع عَنهُ مثلا ٠ وَلُزُوم تكْرَار الْإِذْن) من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي دُخُول بيوته عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ تِلْكَ الصِّيغَة) أَي إِلَّا أَن يُؤذن لكم لَيْسَ بهَا بل (بِخَارِج) عَنْهَا أَي (تَعْلِيله) تَعَالَى الدُّخُول بِغَيْر الْإِذْن (بالأذى) حَيْثُ قَالَ - {إِن ذَلِكُم كَانَ يُؤْذِي النَّبِي} - فَإِن الاجتناب عَن الْأَذَى يتَوَقَّف على طلب الْإِذْن فِي كل دُخُول فَلَا إِشْكَال.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute