للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا شُبْهَة فِيهِ فَلَا يُنَاسب كلمة الشَّك، وَحِينَئِذٍ قَوْله (فقد تحقق) لَك الْقدر غير مُسْتَقِيم: إِذْ تَجْوِيز وُقُوع الْمحَال محَال، وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَن الحكم بالتحقق على تَقْدِير الاستدعاء يسْتَلْزم الحكم بِهِ مُطلقًا غير أَنه لَا يَسْتَقِيم حِينَئِذٍ قَوْله (وَلَا حَاجَة لنا إِلَى تَحْقِيقه) أَي تصَوره مثبتا بِحَيْثُ يجوز الْعقل وُقُوعه وَلَا مخلص إِلَّا بِالْتِزَام حمله كلمة الشَّك على خلاف الظَّاهِر، وَإِرَادَة قدر مَا من التعقل وَالله أعلم (وَأَيْضًا يُمكن تصور الثُّبُوت بَين الخلافين فيكلف بِهِ) أَي بالثبوت (بَين الضدين) مَعْطُوف على قَوْله وَالْحق وَحَاصِله أَي الْمَنْع توقف التَّكْلِيف بِالْجمعِ بَين الضدين على تصَوره وَاقعا، بل يَكْفِي فِيهِ تصور الِاجْتِمَاع كَمَا يَكْفِي فِي الحكم على مَا ذكر (وَحَدِيث تصور المستحيل) الْمَدْلُول عَلَيْهِ بقوله وَهُوَ تصور الْمَلْزُوم ملزوما لنقيض اللَّازِم إِلَى آخِره (بِمَا فِيهِ) أَي مَعَ مَا فِيهِ من الْبَحْث المفاد بقوله وَأجِيب إِلَى آخِره (لَا وُقُوع لَهُ بعد مَا ذكرنَا) من أَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ إِمْكَان كلفتك الْجمع بَينهمَا (وَلَا خلاف فِي وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لغيره كَمَا) أَي كالفعل الَّذِي (علم) الله (سُبْحَانَهُ عدم كَونه) أَي تحَققه فِي الْخَارِج، وَمَعَ هَذَا كلف بِهِ، وَلما استدلوا بِهَذَا التَّكْلِيف على جَوَاز التَّكْلِيف بالمحال لذاته وَكَانَ ذَلِك غير موجه أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَالْوَجْه أَنه) أَي مَا علم الله سُبْحَانَهُ عدم كَونه (لم يَتَّصِف بالاستحالة) الَّتِي هِيَ مَحل النزاع (لذَلِك) أَي لعلمه سُبْحَانَهُ بِعَدَمِ كَونه (لِاسْتِحَالَة اجتماعه) أَي اجْتِمَاع كَونه محالا (مَعَ الْإِمْكَان) الثَّانِي الْمَوْجُود فِيهِ اتِّفَاقًا (بل هُوَ) أَي مَا علم سُبْحَانَهُ عدم كَونه (مُمكن مَقْطُوع بِعَدَمِ وُقُوعه فاستدل الْمُجِيز) لوُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته (بِهِ) أَي بِوُقُوع التَّكْلِيف بالممكن الْمَقْطُوع بِعَدَمِ وُقُوعه كَلَام وَقع (فِي غير مَحل النزاع، و) مَعَ كَونه كلَاما فِي غير مَحل النزاع (يَقْتَضِي وُقُوع تَكْلِيف المستحيل لنَفسِهِ اتِّفَاقًا) فَلَا وَجه لجعله دَلِيلا على جَوَاز وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لذاته وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا لم يفرق بَين الْمحَال لغيره والمحال لذاته ويجعله محالا لذاته، وَمَا علم سُبْحَانَهُ عدم كَونه قد كلف بِهِ اتِّفَاقًا لزم من هَذَا الِاتِّفَاق على وُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته (والاتفاق) بَين الأشاعرة (على نَفْيه) أَي وُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته كغيرهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الِاتِّفَاق مِنْهُم على نَفْيه (ناقضوا الْآيَة) أَي لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لدلالته على نفي الْوُقُوع صَرِيحًا (وَالْخلاف فِي جَوَازه) لَا غير (وَكَذَا استدلالهم) على جَوَاز التَّكْلِيف بالمحال لذاته (بِأَن الْقُدْرَة مَعَ الْفِعْل) فَقبل الْفِعْل لَا قدرَة لَهُ وصدور الْفِعْل من غير قدرَة محَال، وَقد كلف بِالْفِعْلِ قبله اتِّفَاقًا كَلَام فِي غير مَحل النزاع وَيَقْتَضِي الِاتِّفَاق على وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال وَقَوله (وَهُوَ مَخْلُوق لَهُ تَعَالَى) لإِفَادَة أَن الْمَعِيَّة لَا تضر لكَون الْفِعْل يُوجد بتأثير قدرَة الْخَالِق من غير تَأْثِير لقدرة الْمَخْلُوق وَمن غير مدخلية لَهَا فَلَيْسَتْ من أَجزَاء الْعلَّة فليزم تقدمها غير أَنه لَو فرض مدخليتها أَيْضا لم يلْزم

<<  <  ج: ص:  >  >>