الْقَضَاء وَإِن كَانَ فِي وَقت عدم الْقُدْرَة عَلَيْهِ (لِأَن اشْتِرَاطهَا) للْأَدَاء (لاتجاه التَّكْلِيف وَقد تحققت) الْقُدْرَة على الْأَدَاء عِنْد توجه الْخطاب (وَوُجُوب الْقَضَاء بَقَاء ذَلِك الْوُجُوب) وَشرط حُدُوث الشَّيْء لَا يسْتَلْزم وجوده عِنْد بَقَاء ذَلِك الشَّيْء (لِاتِّحَاد سَببهَا) أَي الْأَدَاء وَالْقَضَاء (عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فَلم يتَكَرَّر) الْوُجُوب (لتكرر) الْقُدْرَة توضيحة أَن شَرط وجوب الْأَدَاء وَسَببه إِذا تحقق صَار الْفِعْل مَطْلُوبا من الْمُكَلف وجوبا على سَبِيل الْأَدَاء مَا دَامَ الْوَقْت مَوْجُودا وَبعد مضيه لَا يرْتَفع طلبه غير أَنه قبل مضيه كَانَ مَطْلُوبا على سَبِيل الْأَدَاء وَبعده على سَبِيل الْقَضَاء فَأصل الطّلب بَاقٍ على حَاله وَلَا يحدث بعده وجوب آخر، لِأَن تعدد الحكم يسْتَلْزم تعدد السَّبَب، وَحَيْثُ لم يتَكَرَّر الْوُجُوب لم تَتَكَرَّر الْقُدْرَة عِنْد حُدُوث الْوُجُوب (فوجوب الصَّلَوَات الْكَثِيرَة) قَضَاء (فِي آخر نفس) من الْحَيَاة (عين وُجُوبهَا) أَدَاء (المستكمل لشرطه) من سَلامَة الْأَسْبَاب والآلات (لكنه) أَي الَّذِي أخر إِلَى آخر نفس (قصر) حَتَّى ضَاقَ الْوَقْت عَنْهَا (وَأَيْضًا لَو لم يجب) الْقَضَاء (إِلَّا بقدرة متجددة لم يَأْثَم بترك) للْقَضَاء (بِلَا عذر) يَعْنِي لَو شَرط فِي وجوب الْقَضَاء وجود الْقُدْرَة فِي وَقت يُمكن الْقَضَاء فِيهِ لزم أَن لَا يَأْثَم بترك الْقَضَاء بِلَا عذر إِذا أدْرك ذَلِك الْوَقْت وَهُوَ غير قَادر، فَالْمُرَاد بالعذر الْمَنْفِيّ مَا عدا عدم الْقُدْرَة (وَذَلِكَ) أَي عدم الْإِثْم بِالتّرْكِ (يبطل معنى وُجُوبهَا، قَضَاء) يرد عَلَيْهِ أَن من يشْتَرط بَقَاء الْقُدْرَة فِي وجوب الْقَضَاء لَا يُبَالِي من بطلَان معنى وُجُوبهَا قَضَاء: اللَّهُمَّ أَلا أَن يُرَاد بطلَان معنى وُجُوبهَا مُطلقًا إِذا ترك الْأَدَاء بِعُذْر وَلم يقدر بعد فَالْمُرَاد بِمَعْنى الْوُجُوب لُزُوم الْإِثْم عِنْد التّرْك فَتَأمل، فعلى عدم اشْتِرَاط الْقُدْرَة فِي وجوب الْقَضَاء يلْزم تَخْصِيص النَّص الدَّال على عدم التَّكْلِيف بِغَيْر الوسع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فيخص لَا بكلف الله الْآيَة الْأَدَاء كَمَا أوجبته) أَي ذَلِك التَّخْصِيص (نُصُوص قَضَاء الصَّوْم) كَقَوْلِه تَعَالَى - {فَعدَّة من أَيَّام أخر} - (وَالصَّلَاة) كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا " (الْمُوجبَة) صفة النُّصُوص (الْإِثْم بِتَرْكِهِ) أَي الْقَضَاء بِلَا عذر (المستلزم لتَعَلُّقه) أَي الْوُجُوب بِالْقضَاءِ (فِي آخر نفس) والمعين يخص لَا يُكَلف الخ تَخْصِيصًا كَائِنا على طبق مَا اقتضته هَذِه النُّصُوص، ثمَّ اسْتدلَّ على إِيجَابهَا الْإِثْم بِالتّرْكِ الْمَذْكُور بقوله (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يَأْثَم بِالتّرْكِ بِلَا عذر (انْتَفَى إِيجَابهَا) أَي نُصُوص الْقَضَاء (الْقَضَاء) لانْتِفَاء لَازِمَة وَهُوَ الْإِثْم بِالتّرْكِ بِلَا عذر (وَأَيْضًا الْإِجْمَاع على التأثيم) بِالتّرْكِ بِلَا عذر (إِجْمَاع عَلَيْهِ) أَي تَخْصِيص الْآيَة كَمَا ذكر استلزاما (وَمن الممكنة الزَّاد وَالرَّاحِلَة) أَي ملكهمَا ذاتا أَو مَنْفَعَة بِالْإِجَارَة بِحَيْثُ يتَوَصَّل بهما إِلَى الْحَج (لِلْحَجِّ) إِذْ لَا يتَمَكَّن مِنْهُ أَكثر النَّاس بِدُونِ الْحَرج إِلَّا بهما (وَالْمَال) أَي ملك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute