للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نِصَاب صَدَقَة الْفطر على الْوُجُوب الْمَعْرُوف (لصدقة الْفطر فَلَا تسْقط) صَدَقَة الْفطر (بهلاكها) أَي هَذِه الْقُدْرَة بِوَاسِطَة هَلَاك المَال (الثَّانِيَة) من قسمي الْقُدْرَة (الميسرة) وَهِي مَا يُوجب الْيُسْر على العَبْد فِي أَدَاء الْوَاجِب (الزَّائِدَة على الأولى باليسر فضلا مِنْهُ تَعَالَى) على الْعباد (كَالزَّكَاةِ زَادَت) الْقُدْرَة الْمُتَعَلّق بهَا وُجُوبهَا (على أصل الْإِمْكَان) للْفِعْل (كَون الْمخْرج قَلِيلا جدا من كثير) أَي قَلِيلا على سَبِيل الْمُبَالغَة كَائِنا من مَال كثير، وَقَوله كَون الْمخْرج بَدَلا من ضمير زَادَت (وَكَونه) أَي الْمخْرج وَاقعا (مرّة بعد الْحول الْمُمكن من استنمائه فتقيد الْوُجُوب بِهِ) أَي باليسر (فَسقط) الْوُجُوب (بِالْهَلَاكِ) أَي بِهَلَاك المَال لفَوَات الْقُدْرَة الميسرة الَّتِي هِيَ وصف النَّمَاء بَقَاء، وبقاؤها كابتدائها فِي الِاشْتِرَاط، فابتداؤها شَرط ابْتِدَاء الْوُجُوب، وبقاؤها شَرط بَقَائِهِ لما سَيظْهر (وانتفى) الْوُجُوب (بِالدّينِ) المطالب من جِهَة الْعباد لمنافاته الْيُسْر والغنى لكَون المَال مَشْغُولًا بِالْحَاجةِ الْأَصْلِيَّة، وَإِنَّمَا لم يقل فَسقط بِالْهَلَاكِ وَالدّين، لِأَن السُّقُوط فرع الثُّبُوت، وبالدين لم يجب من الِابْتِدَاء كَذَا ذكره الشَّارِح، وَفِيه أَن هَذَا إِنَّمَا يتم فِيمَا إِذا كَانَ الدّين قبل الْقُدْرَة الميسرة، وَأما إِذا حدث بعْدهَا وَبعد ثُبُوت الْوُجُوب فَلَا، على أَن الْهَلَاك أَيْضا كَذَلِك فَلَا فرق بَينهمَا وَالْحق أَن الدّين الْحَادِث لَا أثر لَهُ فِي السُّقُوط، وَالْمرَاد بِالْهَلَاكِ مَا كَانَ بعد الْوُجُوب، وَإِنَّمَا قيدناه بدين الْعباد لِأَن غَيره كالنذور وَالْكَفَّارَات لَا تنَافِي الْوُجُوب (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يسْقط بِهَلَاك النّصاب وَلم ينتف بِالدّينِ (انْقَلب) الْيُسْر (عسرا) أَي يصير الْوَاجِب الْمُقَيد باليسر غير مُقَيّد بِهِ (بِخِلَاف الِاسْتِهْلَاك) أَي إِتْلَاف النّصاب قصدا بِغَيْر توفر شُرُوط الْوُجُوب فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يسْقط بِهِ (لتعديه) أَي الْمَالِك (على حق الْفُقَرَاء) بِحَيْثُ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْر أَو أنفقهُ فِي حَاجته إِلَى غير ذَلِك، وَاشْتِرَاط الْقُدْرَة الميسرة كَانَ نظرا لَهُ، وَقد خرج بِالتَّعَدِّي عَن اسْتِحْقَاقه النّظر (وَهُوَ) أَي سُقُوط الْوُجُوب بِهَلَاك النّصاب (بِنَاء على أَنه) أَي الْوَاجِب شرعا (جُزْء من الْعين) أَي من عين النّصاب كَمَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر قَوْله تَعَالَى - {وَآتوا الزَّكَاة} -: إِذْ مُتَعَلق الإيتاء هُوَ الْجُزْء الْمعِين من المَال الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا الْأَمر الاعتباري الْمَوْجُود فِي الذِّمَّة، وَإِذا كَانَ الْوَاجِب الْجُزْء الْعَيْنِيّ وَقد هلك عين المَال الَّذِي هُوَ النّصاب جَمِيعًا، وَمن ضَرُورَته هَلَاك كل جُزْء مِنْهُ لم يبْق للْوُجُوب مَحل فَيسْقط الْوُجُوب بِالْهَلَاكِ، وَهَذَا بِنَاء على الظَّاهِر، وَالتَّحْقِيق أَن مَحل الْوُجُوب نفس الإيتاء: إِذْ مُتَعَلق الْأَحْكَام أَفعَال الْمُكَلّفين (وَلذَا) أَي وَلكَون الزَّكَاة جُزْءا من الْعين (سَقَطت بِدفع النّصاب) أَي بالتصدق بِهِ (بِلَا نِيَّة) أصلا أَو بِلَا نِيَّة الْفَرْض بِأَن يَنْوِي النَّفْل لوصول الْجُزْء الْوَاجِب إِلَى مُسْتَحقّه وَهُوَ لَا يحْتَاج إِلَى نِيَّة تخصه من بَين الْأَجْزَاء بِكَوْنِهِ قربَة: إِذْ الْمَفْرُوض التَّصَدُّق

<<  <  ج: ص:  >  >>