بِكُل جُزْء، وَإِنَّمَا الْحَاجة عِنْد الْمُزَاحمَة بَينه وَبَين سَائِر الْأَجْزَاء (وَكَذَا الْكَفَّارَة) للْيَمِين وُجُوبهَا بقدرة ميسرَة (بِدَلِيل تَخْيِير الْقَادِر على الْأَعْلَى بَينه) أَي الْأَعْلَى (وَبَين الْأَدْنَى) إِذْ التَّحْرِير وَالْكِسْوَة وَالْإِطْعَام مُتَفَاوِتَة فِي الْمَالِيَّة فَإِن فِيهِ رفقا للمخير فِي الترفق بِمَا هُوَ الْأَيْسَر عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَة على الْأَعْلَى، بِخِلَاف صَدَقَة الْفطر فَإِن التَّخْيِير فِيهَا بَين المتماثلة فِي الْمَالِيَّة إِذْ نصف صَاع من الْبر مثل الصَّاع من الشّعير أَو التَّمْر فَلَا يُفِيد التَّخْيِير فِيهَا التَّيْسِير قصدا، بل التَّأْكِيد، فوجوبها بقدرة مُمكنَة، ثمَّ أيد الدَّلِيل الْمَذْكُور بِمَا يُفِيد إِرَادَة التَّيْسِير من الشَّارِع فِي الْكَفَّارَة الْمَذْكُورَة بقوله (فَلم يشْتَرط فِي أَجزَاء الصَّوْم) فِي الْكَفَّارَة (الْعَجز المستدام) إِلَى الْمَوْت عَن الْإِطْعَام وأخويه (كَمَا) شَرط (فِي الْفِدْيَة) فِي صَوْم رَمَضَان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّيْخ الْعَاجِز عَنهُ (وَالْحج عَن الْغَيْر) الْحَيّ الْقَادِر على النَّفَقَة الْعَاجِز عَن الْحَج بِنَفسِهِ (فَلَو أيسر) الْمُكَفّر بالصيام لعَجزه عَن الْخِصَال الثَّلَاث (بعده) أَي الصّيام (لَا يبطل) التَّكْفِير بِهِ بِخِلَاف الشَّيْخ الْمَذْكُور فَإِنَّهُ إِذا قدر على الصّيام بعد الْفِدْيَة بطلت وَوَجَب عَلَيْهِ الْقَضَاء، بِخِلَاف المحجوج عَنهُ الْمَذْكُور فَإِنَّهُ إِذا قدر عَلَيْهِ بِنَفسِهِ وَجب عَلَيْهِ، وَلَو شَرط فيهمَا دوَام الْعَجز لبطل ترَتّب الصَّوْم عَلَيْهِ، لِأَن الْعلم بِهِ لَا يتَحَقَّق إِلَّا فِي آخر الْعُمر فَالْمُعْتَبر فيهمَا الْعَجز فِي الْحَال مَعَ احْتِمَال حُصُول الْقُدْرَة فِي الِاسْتِقْبَال (وَلَو فرط) الْمُوسر الَّذِي وَجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة بِالْمَالِ (حَتَّى هلك المَال انْتقل) وجوب التَّكْفِير بِهِ عَنهُ (إِلَى الصَّوْم) أَي إِلَى التفكير بِهِ (بِخِلَاف الْحَج) فَإِنَّهُ لَو فرط من وَجب عَلَيْهِ الْحَج حَتَّى عجز لَا يسْقط، فَإِن لم يقدر عَلَيْهِ بعد ذَلِك حَتَّى يَمُوت أوخذ بِهِ فِي الْآخِرَة لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْقُدْرَة الممكنة كَمَا مر (وَإِنَّمَا سَاوَى الِاسْتِهْلَاك) لِلْمَالِ (الْهَلَاك) فِي سُقُوط الْكَفَّارَة بِالْمَالِ وَلم يساوه فِي سُقُوط الزَّكَاة مَعَ تساويهما فِي الْبناء على الْقُدْرَة الميسرة (لعدم تعين المَال) فِي الْكَفَّارَة للتكفير بِهِ فَلَا يكون الِاسْتِهْلَاك مُتَعَدِّيا (بِخِلَافِهِ) أَي المَال (فِي الزَّكَاة) فَإِن الْوَاجِب جُزْء من النّصاب اتِّفَاقًا، فَإِذا اسْتَهْلكهُ فقد اسْتهْلك الْوَاجِب فَافْتَرقَا (وَنقض) الدَّلِيل الدَّال على كَون وجوب الْكَفَّارَة مَبْنِيا على الْقُدْرَة الميسرة لَا الدَّال على كَون وجوب الزَّكَاة مَبْنِيا عَلَيْهَا على مَا توهم الشَّارِح، وَهُوَ ظَاهر من السباق والسياق وَغَيرهمَا (بِوُجُوبِهَا) أَي الْكَفَّارَة بِالْمَالِ (مَعَ الدّين بِخِلَاف الزَّكَاة) بِأَن يُقَال لَو قصد من التَّخْيِير الْمَذْكُور التَّيْسِير على الْمُكَفّر لما أوجب عَلَيْهِ المَال مَعَ الدّين كَمَا لم يُوجب الزَّكَاة عَلَيْهِ مَعَه (أُجِيب) عَن النَّقْض (بِمَنْعه مَعَه) أَي بِمَنْع وجوب الْكَفَّارَة بِالْمَالِ مَعَ الدّين (كَقَوْل بَعضهم) أَي الْمَشَايِخ فَلَا نقض (و) أُجِيب (بِالْفرقِ) بَينهمَا على قَول الْأَخيرينِ (بِأَن وجوب الزَّكَاة للإغناء) أَي إغناء الْمُحْتَاج عَن الِاحْتِيَاج (شكرا لنعمة الْغنى وَهُوَ) أَي الْغنى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute