للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا فِي الْفِعْل من الصّفة (يدْرك الْعقل حكمه تَعَالَى فِيهِ) أَي فِي الْفِعْل (فَلَا حكم لَهُ) أَي لِلْعَقْلِ إِن الحكم إِلَّا لله، غير أَن الْعقل (إِنَّمَا اسْتَقل بدرك بعض أَحْكَامه تَعَالَى) وَلذَا قَالَ المُصَنّف على مَا نَقله الشَّارِح: وَهَذَا عين قَول الْمُعْتَزلَة لَا كَمَا يحرفه بَعضهم (ثمَّ مِنْهُم كَأبي مَنْصُور من أثبت وجوب الْإِيمَان وَحُرْمَة الْكفْر وَنسبَة مَا هُوَ شنيع إِلَيْهِ تَعَالَى كالكذب والسفه وَهُوَ) أَي هَذَا الْمَجْمُوع (وجوب شكر الْمُنعم، وَزَاد أَبُو مَنْصُور) وَكثير من مَشَايِخ الْعرَاق (إِيجَابه) أَي الْإِيمَان (على الصَّبِي الْعَاقِل) الَّذِي يناظر فِي وحدانية الله تَعَالَى (ونقلوا عَنهُ) أَي أبي حنيفَة (لَو لم يبْعَث الله للنَّاس رَسُولا لوَجَبَ عَلَيْهِم مَعْرفَته بعقولهم، والبخاريون) قَالُوا (لَا تعلق) لحكم الله بِفعل الْمُكَلف قبل بعثة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبليغه حكم الله فِي ذَلِك (كالأشاعرة وَهُوَ الْمُخْتَار وَحَاصِل مُخْتَار فَخر الْإِسْلَام وَالْقَاضِي أبي زيد) وشمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي (النَّفْي) لوُجُوب الْإِيمَان (عَن الصَّبِي) الْعَاقِل (لرِوَايَة عدم انْفِسَاخ النِّكَاح) أَي نِكَاح المراهقة وَهِي المقاربة للبلوغ إِذا كَانَت بَين أبوين مُسلمين تَحت زوج مُسلم (بِعَدَمِ وصف المراهقة الْإِسْلَام) مفعول للوصف بِأَن كَانَت عَاقِلَة فاستوصفته فَلم تقدر على وَصفه، ذكره فِي الْجَامِع الْكَبِير، إِذْ لَو كَانَت الصبية الْعَاقِلَة مكلفة بِالْإِيمَان لبانت كَمَا بلغت غير واصفة وَلَا قادرة على وَصفه، وَأما نفس الْوُجُوب فثابت كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْل الرَّابِع (و) حَاصِل مختارهما (فِي الْبَالِغ) النَّاشِئ على شَاهِق وَنَحْوه إِذا (لم تبلغه دَعْوَة) أَنه (لَا يُكَلف بِهِ) أَي الْإِيمَان (بِمُجَرَّد عقله مَا لم تمض مُدَّة التَّأَمُّل وقدرها) أَي الْمدَّة مفوض (إِلَيْهِ تَعَالَى) فَإِن مَضَت مُدَّة علم ربه أَنه قدر على ذَلِك وَلم يُؤمن يُعَاقِبهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قيل من أَنَّهَا مقدرَة بِثَلَاثَة أَيَّام اعْتِبَارا بالمرتد فَإِنَّهُ يُمْهل ثَلَاثَة أَيَّام قِيَاس مَعَ الْفَارِق، والعقول مُتَفَاوِتَة فَرُبمَا عَاقل يَهْتَدِي فِي زمَان قَلِيل إِلَى مَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ غَيره فِي زمَان كثير (فَلَو مَاتَ قبلهَا) أَي تِلْكَ الْمدَّة (غير مُعْتَقد إِيمَانًا وَلَا كفرا لَا عِقَاب عَلَيْهِ، أَو) مَاتَ (مُعْتَقدًا الْكفْر) واصفا لَهُ أَو غير واصف (خلد) فِي النَّار لِأَن اعْتِقَاد الْكفْر دَلِيل خطور الصَّانِع بِبَالِهِ، وَوُقُوع الِاسْتِدْلَال مِنْهُ فَلم يبْق لَهُ عذر، (وَكَذَا) يخلد فِي النَّار (إِذا مَاتَ بعْدهَا) أَي الْمدَّة (غير مُعْتَقد) إِيمَانًا وَلَا كفرا وَإِن لم تبلغه الدعْوَة، لِأَن الْإِمْهَال وَإِدْرَاك مُدَّة التَّأَمُّل بِمَنْزِلَة دَعْوَة الرَّسُول فِي حق تَنْبِيه الْقلب من نَومه الْغَفْلَة فَلَا يعْذر (وَبِهَذَا) التَّحْرِير (يبطل الْجمع) الَّذِي ذكره الشَّيْخ أكمل الدّين بَين مَذْهَب الأشاعرة وَغَيرهم (بِأَن قَول الْوُجُوب) أَي قَول من يَقُول بِالْوُجُوب قبل الْبعْثَة (مَعْنَاهُ تَرْجِيح الْعقل الْفِعْل) وَقَول (الْحُرْمَة) مَعْنَاهُ (تَرْجِيحه) أَي الْعقل (التّرْك) فمرجع كَلَام الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وَاحِد، وَإِنَّمَا بَطل الْجمع لِأَنَّك قد عرفت الْفرق بَين اعتباري الْفَرِيقَيْنِ فِي ثُبُوت الْأَحْكَام، وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>