للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يثبت بِهِ بَين اللوازم المتخالفة المترتبة عَلَيْهِمَا فَإِن اخْتِلَاف اللوازم يسْتَلْزم اخْتِلَاف الملزومات، وَهَذَا كُله (بعد كَونه) أَي هَذَا الْجمع بتفسير الْوُجُوب وَالْحُرْمَة بِمَا ذكر (خلاف الظَّاهِر) إِذْ لَا يفهم من الْوُجُوب التَّرْجِيح الْمَذْكُور (وَمَا ذَكرْنَاهُ عَن البخاريين) من عدم تعلق الحكم قبل التَّبْلِيغ (نَقله الْمُحَقق ابْن عين الدولة عَنْهُم غير أَنه قَالَ أَئِمَّة بُخَارى الَّذين شهدناهم كَانُوا على القَوْل الأول: يَعْنِي قَول الأشاعرة، وحكموا بِأَن المُرَاد من رِوَايَة لَا عذر لأحد فِي الْجَهْل بخالقه لما يرى من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَخلق نَفسه) أَنه لَا عذر لَهُ فِيهِ (بعد الْبعْثَة) وَالرِّوَايَة الْمَذْكُورَة فِي الْمُنْتَقى وَالْمِيزَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن أبي حنيفَة، وَفِي غَيره كجامع الْأَسْرَار عَن أبي يُوسُف عَن مُحَمَّد وَحِينَئِذٍ (فَيجب) بِنَاء على التَّفْسِير الْمَذْكُور (حمل الْوُجُوب فِي قَوْله) أَي أبي حنيفَة (لوَجَبَ عَلَيْهِم مَعْرفَته بقَوْلهمْ على يَنْبَغِي) أَي على الانبغاء: إِذْ حمله على حَقِيقَة الْوُجُوب يُنَافِي التَّقْيِيد ببعد الْبعْثَة (وَكلهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة (على امْتنَاع تَعْذِيب الطائع عَلَيْهِ تَعَالَى، و) امْتنَاع (تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق، فتمت ثَلَاثَة) من الْأُصُول فِي مَحل النزاع، تَفْرِيع على مَا فصل من الْمذَاهب، وَهِي (أَنْصَاف الْفِعْل) بالْحسنِ والقبح، وَهَذَا هُوَ الأول (وَمنع استلزامه) أَي الاتصاف (حكما فِي العَبْد وإثباته) أَي إِثْبَات استلزام الاتصاف حكما فِي العَبْد، وَهَذَا هُوَ الثَّانِي، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة أصلان: حكما عدلا وَاحِدًا لِكَوْنِهِمَا نفيا وإثباتا لشَيْء وَاحِد وَهُوَ الاستلزام الْمَذْكُور (واستلزامه) أَي الاتصاف (منعهما) أَي تَعْذِيب الطائع وتكليف مَا لَا يُطَاق (مِنْهُ تَعَالَى) وَهَذَا هُوَ الثَّالِث (وَلَا نزاع فِي دركه) أَي الْعقل الْحسن والقبح (للْفِعْل بِمَعْنى صفة الْكَمَال و) صفة (النَّقْص) فَإِنَّهُمَا قد يستعملان فيهمَا (كَالْعلمِ وَالْجهل) أَي كَمَا إِذا قيل: الْعلم حسن، وَالْجهل قَبِيح، فَإِنَّهُ يُرَاد بهما مَا ذكر، وَالْعقل مدركهما فيهمَا (وَلَا فيهمَا) أَي وَلَا نزاع أَيْضا فِي دَرك الْعقل إيَّاهُمَا للْفِعْل (بِمَعْنى الْمَدْح والذم) أَي بِمَعْنى أَنه يمدح فَاعله، ويذم (فِي مجاري الْعَادَات) فَإِن الْعَادة أَن يمدح الْفَاعِل فِي بعض الْأَحْوَال ويذم، وَعلم الْعقل تفاصيلهما (بل) النزاع (فيهمَا) أَي فِي إِدْرَاك الْعقل الْحسن والقبح (بِمَعْنى اسْتِحْقَاق مدحه تَعَالَى وثوابه) للْفَاعِل على ذَلِك الْفِعْل (ومقابلهما) أَي وَبِمَعْنى اسْتِحْقَاق ذمه تَعَالَى وعقابه للْفَاعِل على ذَلِك وَالْحجّة (لنا فِي الأول) أَي اتصاف الْفِعْل بالْحسنِ والقبح (أَن قبح الظُّلم ومقابلة الْإِحْسَان بالإساءة مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْعُقَلَاء حَتَّى من لم يتدين بدين) وَلَا يَقُول بشرع كالبراهمة (مَعَ اخْتِلَاف عاداتهم وأغراضهم) يرد عَلَيْهِ أَنه سلمنَا اتِّفَاق الْعُقَلَاء على قبح مَا ذكر بِمَعْنى أَنه يذم فَاعله، لَكِن لَا نسلم اتِّفَاقهم عَلَيْهِ بِمَعْنى اسْتِحْقَاقه الذَّم عِنْد الله تَعَالَى وَالْعِقَاب، والنزاع فِيهِ (فلولا أَنه) أَي اتصاف الْفِعْل بذلك (مدرك بِالضَّرُورَةِ فِي الْفِعْل لذاته لم يكن ذَلِك) الِاتِّفَاق من ضَرُورَة

<<  <  ج: ص:  >  >>