الْفَائِدَة (فِي نفس الْأَمر علم عينهَا أَولا) يَعْنِي بعد الْقطع بثبوتها لَا نورث تقسيمكم الْمَذْكُور للفائدة وَنفي أقسامها شُبْهَة إِذْ هُوَ لَيْسَ بحاظر وَلَا مَا يُفِيد النَّفْي بقاطع فَلَيْسَ لكم مخلص إِلَّا منع الْعَقْلِيَّة، والبحث إِنَّمَا هُوَ بطرِيق التنزل وَتَسْلِيم الْعَقْلِيَّة (وَلَو منعُوا) أَي الأشاعرة (اتصاف الشُّكْر) بالْحسنِ (و) اتصاف (الكفران) بالقبح (لم تصر المسئلة على التنزل) وَهُوَ خلاف الْمَفْرُوض (وَكَذَا انْفِصَال الْمُعْتَزلَة) بِأَنَّهَا فِي الدُّنْيَا الخ تَابع لعقلية مَا فِي الْفِعْل (فَإِن دفع ضَرَر) خوف (الْعقَاب) الَّذِي هُوَ سَنَد منع انْتِفَاء الْفَائِدَة الدُّنْيَوِيَّة (إِنَّمَا يَصح) حَال كَونه (حَامِلا) للشاكر (على الْعَمَل) الَّذِي بِهِ يتَحَقَّق بِهِ الشُّكْر (وَهُوَ) أَي الْخَوْف أَو الْعَمَل الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ (بعد الْعلم بِالْوُجُوب) أَي وجوب الشُّكْر عقلا (بطريقه) أَي بطرِيق الْموصل إِلَى الْعلم بِالْوُجُوب حسن الشُّكْر الْمُقْتَضى تَركه الْقبْح (وَهُوَ) أَي طَرِيقه (الَّذِي فِيهِ الْكَلَام) أَي النزاع، فَدلَّ هَذَا الِانْفِصَال أَن الْبَحْث بطرِيق التنزل وَتَسْلِيم الْعَقْلِيَّة لما فِي الْفِعْل (وَتَسْلِيم لُزُوم الخطور) أَي خطور خوف الْعقَاب (ومعارضتهم) أَي الأشاعرة للمعتزلة (بِالتَّصَرُّفِ فِي ملك الْغَيْر) على مَا ذكر (إلزامي إِذْ اعْتَرَفُوا) أَي الأشاعرة (فِي المسئلة الثَّانِيَة) على مَا سَيَأْتِي (بِأَن حرمته) أَي التَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر (لَيست عقلية) فالتحريم الَّذِي ادَّعَاهُ الأشاعرة فِي التَّصَرُّف الْمَذْكُور عِنْد الْمُعَارضَة على زعم الْمُعْتَزلَة فالبحث إلزامي، (وَأما) معارضتهم (بِأَنَّهُ) أَي شكر النِّعْمَة مجازاة (يشبه الِاسْتِهْزَاء فَيَقْضِي مِنْهُ) أَي من صنعهم (الْعجب) لغرابته وسخافته، كَيفَ وَيلْزم مِنْهُ انسداد بَاب الشُّكْر قبل الْبعْثَة وَبعدهَا على أَن مَا ذكر فِي وَجه شبه الِاسْتِهْزَاء كَلِمَات واهية (وَالْوَجْه فِيهِ) أَي فِي انْتِفَاء تعلق الحكم بِالْفِعْلِ قبل الْبعْثَة أَن يُقَال (لَا طَرِيق لِلْعَقْلِ إِلَى الحكم بحدوث مَا لم يكن إِلَّا بِالسَّمْعِ) أَي إِلَّا طَرِيق السّمع (أَو الْبَصَر وَالْفَرْض) أَي الْمَفْرُوض (انتفاؤهما) أَي السّمع وَالْبَصَر، إِذْ الْكَلَام فِيمَا قبل الْبعْثَة، وَلَا سمع إِذْ ذَاك (فِي) حق (تعلق حكمه) تَعَالَى بِالْفِعْلِ (ودرك مَا فِي الْفِعْل) من حسن وقبح (غير مُسْتَلْزم) تَكْلِيفه بِفعل أَو ترك (إِلَّا لَو كَانَ ترك تَكْلِيفه تَعَالَى يُوجب نَقصه تَعَالَى وَهُوَ) أَي إِيجَاب ترك التَّكْلِيف النَّقْص (مَمْنُوع)
المسئلة (الثَّانِيَة: أَفعَال الْعباد الاختيارية مِمَّا لَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْبَقَاء) تَقْيِيد للأفعال الاختيارية ويقابلها الاضطرارية وَهِي مَا لَا يُمكن الْبَقَاء بِدُونِهَا: كالتنفس فِي الْهَوَاء حَال كَونهَا وَاقعَة (قبل الْبعْثَة أَن أدْرك فِيهَا جِهَة محسنة أَو مقبحة فعلى مَا تقدم من التَّقْسِيم عِنْد الْمُعْتَزلَة) من أَن الْمدْرك إِمَّا حسن فعل بِحَيْثُ يقبح تَركه فَوَاجِب وَإِلَّا فمندوب أَو ترك على وزانه فَحَرَام ومكروه (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يدْرك فِيهَا جِهَة محسنة وَلَا مقبحة (فَلهم) أَي للمعتزلة (فِيهَا) أَي الْأَفْعَال الاختيارية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute