للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَاف من أثبت قدمه وَلم ينف تعلقه قبلهَا (فَلَا وَجه لتخصيصه) أَي هَذَا التَّوَقُّف (بِهِ) أَي بالأشعري (كَمَا لَا وَجه لإثباتهم) أَي الْمُعْتَزلَة (تعلقه) أَي الحكم بالأفعال قبل الْبعْثَة (مَعَ فرض عدم علمه) أَي الْمُكَلف بِهِ (مَعَ أَنه) أَي الحكم (حِينَئِذٍ) أَي حِين يكون مُتَعَلقا بِهِ وَلَا يُعلمهُ المكلفون (لَا يثبت) الحكم (فِي حق الْمُكَلّفين) إِذْ ثُبُوته فِي حَقهم حِينَئِذٍ تَكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق، وَأَيْضًا يلْزمه التعذيب، وَقَالَ - {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} - (بل الثُّبُوت) أَي ثُبُوت الحكم فِي حَقهم (مَعَ التَّعَلُّق) أَي مَعَ تعلق الحكم بِأَفْعَال الْمُكَلّفين لَا يُفَارق أَحدهمَا الآخر، فَلَا وَجه لإِثْبَات التَّعَلُّق بِدُونِ الثُّبُوت فِي حَقهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن يثبت التَّعَلُّق بِدُونِ الثُّبُوت فِي حَقهم (فَلَا فَائِدَة للتعلق) لانحصار فَائِدَته فِي الثُّبُوت فِي حَقهم (وَلَو قَالُوهُ) أَي الْمُعْتَزلَة لوقف (كالأشعري) أَي كوقف الْأَشْعَرِيّ بإثباتهم خطابا لفظيا مَوْقُوفا تعلقه على الْبعْثَة والسمع (كَانَ) مِنْهُم على أصولهم قولا (بِلَا دَلِيل إِذْ لَا دَلِيل على ثُبُوت لفظ فِيهِ) أَي فِي الحكم قبل الْبعْثَة (أصلا بِخِلَاف الْأَشْعَرِيّ) فَإِنَّهُ قَائِل بِأَنَّهُ (وَجب ثُبُوت) الْكَلَام (النَّفْسِيّ أَولا) لما قَامَ عَلَيْهِ من الدَّلِيل على قدم الْكَلَام، وَكَونه لَيْسَ من قبيل الْحَرْف وَالصَّوْت إِلَى غير ذَلِك ثمَّ ترَتّب عَلَيْهِ التَّوَقُّف الْمَذْكُور (وَأما الْخلاف الْمَنْقُول بَين أهل السّنة) وَالْجَمَاعَة، وَهُوَ (أَن الأَصْل فِي الْأَفْعَال الْإِبَاحَة أَو الْحَظْر فَقيل) اثباتهما (بعد الشَّرْع بالأدلة السمعية: أى دلّت) الْأَدِلَّة السمعية (على ذَلِك) الْخلاف بِأَن دلّ بَعْضهَا على الْإِبَاحَة وَبَعضهَا على الْحَظْر، فَكل من الْفَرِيقَيْنِ تمسك بِمَا ترجح لَهُ (وَالْحق أَن ثُبُوت هَذَا الْخلاف مُشكل، لِأَن السمعي لَو دلّ على ثُبُوت الْإِبَاحَة أَو التَّحْرِيم قبل الْبعْثَة) ظرف للثبوت لَا للدلالة لِأَنَّهَا فرع وجود السمعي الْمُتَأَخر عَن الْبعْثَة، فالمسمعي الْحَادِث بعد الْبعْثَة يدل على كَونهمَا ثابتين قبلهَا (بَطل قَوْلهم لَا حكم قبلهَا) إِذْ السّمع دلّ على ثُبُوت الْإِبَاحَة والحظر اللَّذين هما حكمان، وَقد يُقَال حَاصِل هَذَا التَّعْلِيل بطلَان دلَالَة السمعي على ثبوتهما قبل الْبعْثَة، لَا بطلَان دلَالَته على ثبوتهما بعْدهَا، وَإِثْبَات إِشْكَال الْخلاف مَوْقُوف على البطلانين جَمِيعًا فَتَأمل (فَإِن أمكن فِي الْإِبَاحَة تَأْوِيله) أَي قَوْلهم لَا حكم قبلهَا (بِأَن لَا مُؤَاخذَة بِالْفِعْلِ وَالتّرْك فمعلوم) أَي فَعدم الْمُؤَاخَذَة مَعْلُوم (من عدم التَّعَلُّق) أَي تعلق الحكم بِالْفِعْلِ فَلَا حَاجَة إِلَى ذكره (ثمَّ لَا يَتَأَتَّى) التَّأْوِيل الْمَذْكُور (فِي قَول الْحَظْر) للمؤاخذة فِيهِ على التّرْك (وَلَو أَرَادوا) بالحكم الْمُثبت قبل الْبعْثَة (حكما) أَي خطابا نفسيا (بِلَا تعلق) بِفعل الْمُكَلف (بِمَعْنى قدم الْكَلَام) أَي الْكَلَام الْقَدِيم كَمَا هُوَ الْمُخْتَار (لم يتَّجه) أَي فَهُوَ غير موجه (إِذْ بالتعلق ظهر أَن لَيْسَ كل) الْأَفْعَال مُبَاحَة وَلَا محظورة فِي كَلَام النَّفس) فَإِن التَّعَلُّق الْحَادِث بعد الْبعْثَة إِنَّمَا يظْهر لنا مَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>