(للتعارض) بَين الْأَدِلَّة الدَّالَّة على ثُبُوت الْأَحْكَام قبل الْبعْثَة والأدلة الدَّالَّة على عدم ثُبُوتهَا قبلهَا (ففاسد لأَنا بَينا بُطْلَانهَا) أَي بطلَان الْأَدِلَّة الدَّالَّة على ثُبُوتهَا قبلهَا، وَيرد عَلَيْهِ أَنه يلْزم حِينَئِذٍ التَّوَقُّف عَن الحكم مُطلقًا لَا عَن الحكم الْخَاص، فَالْوَجْه أَن يُقَال المُرَاد التَّعَارُض بَين دَلِيل الْمُبِيح والحاظر، فَإِن المُصَنّف قد بَين بطلَان كل مِنْهُمَا (أَو لعدم الشَّرْع) حِينَئِذٍ، وَالْفَرْض أَن الْعقل لَا يسْتَقلّ بإدراكه كَمَا ذكره بعض أَصْحَابنَا (فَمُسلم) وَهُوَ مَذْهَبنَا (والحصر) الْمُسْتَفَاد من ذكر التَّعَارُض دون غَيره (فِي) الشق (الأول) من شقي الترديد، وَهُوَ عدم الْعلم بِخُصُوص الحكم لَا لعدم الشَّرْع (مَمْنُوع بل) قد يكون (لعدم الدَّلِيل على خُصُوص الحكم) فَعدم الْعلم بِخُصُوص الحكم لعدم الدَّلِيل عَلَيْهِ، فالتوقف لأَجله، لَا للتعارض (فَإِن قلت هَذِه الْمذَاهب) الْمَذْكُورَة (توجب) حَال كَونهَا (من الْمُعْتَزلَة كَون الحكم لَيْسَ من قبيل الْكَلَام اللَّفْظِيّ إِذْ لَا تحقق لَهُ) أَي الْكَلَام اللَّفْظِيّ (إِلَّا بعد الْبعْثَة، وَلَا نَفسِي) فِي الْكَلَام (عِنْدهم) وَلَا يخفى أَن الْمَفْهُوم من قَوْله هَذِه الْمذَاهب الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة مَذْهَب الْإِبَاحَة والحظر والتوقف، والإيجاب الْمَذْكُور إِنَّمَا يَتَرَتَّب على إِثْبَات الحكم قبل الْبعْثَة سَوَاء كَانَت هَذِه الْمذَاهب أَو لم تكن، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال بَيَان الْمذَاهب الثَّلَاثَة من غير ذكر مَذْهَب رَابِع يدل على الْأَمريْنِ أَحدهمَا انحصار الْمُعْتَزلَة فِي أَصْحَاب هَذِه الْمذَاهب، وَالثَّانِي اسْتِيعَاب الْعقل الْأَحْكَام كلهَا فَيلْزم إِثْبَات الْكَلَام النَّفْسِيّ على جَمِيع الْمُعْتَزلَة بِاعْتِبَار جَمِيع الْأَحْكَام فَالْجَوَاب منع توقفه) أَي الْكَلَام اللَّفْظِيّ (عَلَيْهَا) أَي الْبعْثَة (لجَوَاز تقدمه) أَي الْكَلَام اللَّفْظِيّ (عَلَيْهَا) أَي الْبعْثَة (كخطاباته للْمَلَائكَة وآدَم) فَإِن قلت هَذَا يدل على وجود الْكَلَام اللَّفْظِيّ فِي الْجُمْلَة قبل الْبعْثَة، لَا على وجود الْكَلَام اللَّفْظِيّ الْوَاقِع حكما قلت الْمَقْصد من هَذَا منع مقدّمته الَّتِي يتَوَقَّف عَلَيْهَا الدَّلِيل وَهُوَ قَوْله إِذْ لَا تحقق لَهُ فَتَأمل هَذَا (وَنقل عَن الْأَشْعَرِيّ الْوَقْف أَيْضا على الْخلاف فِي تَفْسِيره) أَي الْوَقْف كَمَا تقدم (وَالصَّوَاب) أَن المُرَاد بِهِ التَّفْسِير (الثَّانِي) أَي عدم الْعلم بِخُصُوص الحكم (لعدم الحكم عِنْده) أَي الْأَشْعَرِيّ (أَي فِيهَا) أَي فِي الْأَفْعَال (حكم لَا يدْرِي مَا هُوَ) أَي ذَلِك الحكم (إِلَّا فِي) زمَان (الْبعْثَة) فَإِنَّهُ يدْرِي حِينَئِذٍ بِالشَّرْعِ (لِأَنَّهُ) أَي الحكم حِينَئِذٍ (يتَعَلَّق) بالأفعال (فيعلمه) حِينَئِذٍ الْمُكَلف (و) لَا يخفى أَن (مَحل وقف الْأَشْعَرِيّ غَيره) أَي غير وقف الْمُعْتَزلَة (لِأَنَّهُ) أَي الْوَقْف (عِنْدهم) على التَّفْسِير الثَّانِي (حِينَئِذٍ عَن الحكم الْمُتَعَلّق) بالأفعال (وَلَا يتَصَوَّر) وجود تعلق الحكم (عِنْده) أى الأشعرى (قبل الْبعْثَة فحاصلة) أَي كَلَام الْأَشْعَرِيّ (إِثْبَات قدم الْكَلَام) المندرج تَحْتَهُ الْخطاب الْمُتَعَلّق بِفعل الْمُكَلف (والتوقف فِيمَا) أَي فِي الْخطاب الَّذِي (سَيظْهر تعلقه) التنجيزي بِالْفِعْلِ (وَهَذَا) الْمَذْكُور من قدم الْكَلَام والتوقف فِيمَا ذكر (مَعْلُوم من كل ناف للتعلق) التنجيزي (قبل الْبعْثَة)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute