مَا فِي هَذَا الْجَواب من كَونه) أَي الْمَذْكُور (غير مَحل النزاع فَإِنَّهُ) أَي النزاع إِنَّمَا هُوَ (فِي نَحْو أكل الْفَاكِهَة مِمَّا لَا ضَرَر فِي تَركه) كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي أول المسئلة بقوله: مِمَّا لَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْبَقَاء (وَمَا على الْإِبَاحَة) واندفع أَيْضا مَا ورد عَلَيْهَا (من أَنه أَن أُرِيد) بهَا أَنه (لَا حرج عقلا فِي الْفِعْل وَالتّرْك فَمُسلم) لَكِن لَا يثبت بِهِ حكم الله بِرَفْع الْحَرج (أَو) أُرِيد بهَا (خطاب الشَّارِع بِهِ) أَي بِأَنَّهُ لَا حرج فِي الْفِعْل وَالتّرْك (فَلَا شرع حِينَئِذٍ) إِذْ الْمَفْرُوض أَنه لَيْسَ هَهُنَا جِهَة محسنة وَلَا مقبحة وَلَا سمع (أَو) أُرِيد بهَا (حكم الْعقل بِهِ) أَي بِكَوْنِهِ مُبَاحا (فالفرض أَنه) أَي الْعقل (لَا حكم) فِيهِ (لَهُ بِحسن وَلَا قبح) وَإِنَّمَا انْدفع مَا ذكر على الْإِبَاحَة (إِذْ يختارون) أَي المبيحون (هَذَا) الشق الْأَخير (بملجئ) أَي بِسَبَب مَا يلجئهم إِلَى اخْتِيَاره وَهُوَ (لُزُوم الْعَبَث) على تَقْدِير الْمَنْع، وَعدم الْإِبَاحَة على مَا سبق (وَأما دَفعه) أَي دَلِيل الْمُبِيح الْمَذْكُور (بِمَنْع قبح فعل لَا فَائِدَة لَهُ) أَي لذَلِك الْفِعْل (بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى فيخرجه) أَي هَذَا الْكَلَام (عَن التنزل) أَي كَونه بحثا بطرِيق التنزل وَتَسْلِيم كَون الْحسن والقبح عقليا والمفروض خِلَافه، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لِأَنَّهُ) أَي التنزل (دَفعه) أَي يدْفع الحضم كَلَام الْمُعْتَزلَة (على تَسْلِيم قَاعِدَة الْحسن والقبح، نعم يدْفع) دَلِيل الْمُبِيح (بِمَنْع الْإِخْلَال) لفائدة الْخلق على تَقْدِير الْمَنْع مِنْهُ (إِذْ أرَاهُ) أَي العَبْد (قدرته) تَعَالَى (على إيجاده مُحَققَة) قَيده بقوله مُحَققَة لِأَنَّهُ تَعَالَى قد أرَاهُ قدرته مُمكنَة بِخلق أَمْثَاله (مَعَ احْتِمَال غَيره) أَي غير مَا ذكر من فَوَائِد أُخْرَى (مِمَّا) قد (يقصر) الْعقل (عَن دركه) فَلَا يحكم بالإخلال على تَقْدِير الْمَنْع (و) أَيْضا يدْفع (الحاظر) أَي دَلِيله بِأَنَّهُ (لَا يثبت حكم الحكم الأخروي) الحكم الأخروي خطابه الْمُتَعَلّق بِفعل الْمُكَلف المستتبع الثَّوَاب وَالْعِقَاب فِي الْآخِرَة، وَالْحكم الْمُضَاف إِلَيْهِ أَن يحكم الْعقل (بِثُبُوتِهِ فِي نفس الْأَمر) يَعْنِي ثُبُوت الْخطاب الْمَذْكُور فِي نفس الْأَمر لَا يكون سَببا لِأَن يحكم الْعقل بِثُبُوتِهِ. هَذَا، وَيحْتَمل أَن تكون الْبَاء فِي بِثُبُوتِهِ صلَة الحكم الأول: يَعْنِي لَا يثبت حكم الْعقل على الْخطاب الْمَذْكُور بِثُبُوتِهِ فِي نفس الْأَمر (قبل إِظْهَاره للمكلفين) ظرف لَا يثبت: أَي قبل إِظْهَار الله إِيَّاه لَهُم بطرِيق السّمع ووساطة الرَّسُول (فَكيف يثبت (باحتماله) أَي بِمُجَرَّد احْتِمَال ثُبُوته فِي نفس الْأَمر (و) الْحَال أَنه (لَا خوف) على العَبْد (ليحتاط) إِذْ الْخَوْف بعد الْعلم بِالْوُجُوب أَو الْحُرْمَة، وَلَيْسَ هَهُنَا علم بِجِهَة حسن أَو قبح حَتَّى يعلم أَحدهمَا (وَأما الْوَقْف) الَّذِي هُوَ الْمَذْهَب الثَّالِث (ففسر بِعَدَمِ الحكم) أَي بِعَدَمِ حكم الله بِشَيْء من الْأَحْكَام لعدم إِدْرَاك الْعقل شَيْئا من الْجِهَات الْمَذْكُورَة وَهُوَ مَنْقُول عَن طَائِفَة من الْمُعْتَزلَة (وَلَيْسَ) هَذَا (بِهِ) أَي بِالْوَقْفِ لِأَنَّهُ قطع بِعَدَمِ الحكم لَا وقف عَنهُ (و) فسر أَيْضا (بِعَدَمِ الْعلم بِخُصُوصِهِ) أَي الحكم (فيقل عَن كَانَ) عدم الْعلم بِخُصُوصِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute